للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا (١): ومما يليق (٢) ذكره بهذا الباب قوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: ٢٦] بدأ بالطائفين للرتبةِ والقربِ من البيت المأمور بتطهيره من أجل الطوَّافين، وجمعهم جَمْعَ السلامة؛ لأنَّ جمع السلامة أدلُّ على لفظ الفعل الذي هو علة يُعلَّق بها حكم التطهير، ولو كان مكان (لِلطَّائِفِينَ): الطُّوَّاف؛ لم يكن في هذا اللفظ من بيان قَصْد (٣) الفعل ما في قوله (لِلطَّائِفِينَ)، ألا ترى أنك تقول: "يَطوفون"، كما تقول: "طائفون"، فاللفظان متشابهان.

فإن قيل: فهلَّا أُتيَ بلفظ الفعل بعينه فيكون أبين، فيقول: "وطهر بيتي للذين يطوفون"؟.

قيل: إن الحكم مُعَلَّل بالفعل لا بذوات الأشخاص، ولفظ "الذين" يُنْبئ عن الشخص والذات، ولفظ "الطُّوَّاف" يُخْفِي معنى الفعل ولا يبينه، فكان لفظ [الطائفين] (٤) أولى بهذا الموطن.

ثمَّ يليه في الترتيب (وَالْقَائِمِينَ)؛ لأنه في معنى (العاكفين)، وهو في معنى قوله تعالى: {إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: ٧٥]، أي: مُثابراً ملازماً، وهو كالطائفين في تعلُّق حكم التطهير به، ثمَّ يليه بالرتبة لفظ [الرُّكَّع] (٥)؛ لأن المستقبلين البيت بالركوع لا يختصُّون بما قَرُب منه كالطائفين والعاكفين، ولذلك لم يتعلَّق حكم التطهير


(١) ليست في (ق). وانظر "النتائج": (ص/٢٧٣).
(٢) من (ق) و"النتائج".
(٣) (ق): "فضل"، و"النتائج": "قول"!.
(٤) (ظ وق): "الظاهر" والمثبت من "النتائج".
(٥) (ظ وق): "الراكع" والمثبت من "النتائج".