للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأكثرين، وهو الذي ذكره أصحاب الشافعي، وحكوا هم وغيرهم عن أصحاب أبي حنيفة أنهم قالوا: البصر أفضل، ونصبوا معهم الخلافَ، وذكروا الحِجَاج من الطرفين، ولا أدري ما يترتَّب على هذه المسألة من الأحكام حتى تُذكر في كتب الفقه!! وكذلك القولان للمتكلمين والمفسرين.

وحكى أبو المعالي عن ابن قتيبة (١) تفضيل البصر، وردَّ عليه، واحتج مفضِّلو السمع بأن الله تعالى يقدِّمه في القرآن حيثُ وقع، وبأن بالسَّمع تُنال سعادة الدنيا والآخرة، فإن السعادة بأجمعها في طاعة الرسل والإيمان (٢) بما جاءوا به، وهذا إنما يُدْرَك بالسمع، ولهذا في الحديث الذي رواه أحمد وغيره من حديث الأسود بن سريع: " [أَرْبَعَةٌ] (٣) كُلُّهُمْ يُدْلي عَلَى اللهِ بِحُجَّتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ"، فذكر منهم رجلاً أصم يقول: "يَا رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الإِسْلامُ وَأَنا لا أَسْمَعُ شَيْئاً" (٤).

واحتجُّوا: بأن العلوم الحاصلة من السمع أضعاف أضعاف العلوم الحاصلة (ظ/ ٢٠ ب) من البصر، فإنَّ البصر لا يُدرِك إلا بعضَ الموجودات


(١) أبو المعالي هو الجويني، تقدم وابن قتيبة هو: عبد الله بن مسلم الدينوري الأديب صاحب التصانيف، ت (٢٧٦).انظر: "وفيات الأعيان": (٣/ ٤٢)، و"السير": (١٣/ ٢٩٦). وكلامه في "تأويل مشكل القرآن": (ص/ ٧).
(٢) سقط من (ق).
(٣) في الأصول: "ثلاثة" والتصويب من مصادر الحديث.
(٤) أخرجه أحمد: (٤/ ٢٤)، والطبراني في "الكبير": (١/ ٢٨٧)، وابن حبَّان "الإحسان": (١٦/ ٣٥٦)، والبيهقيُّ في "الاعتقاد": (ص/ ٩٢).
من طريق قتادة عن الأحنف بن قيس عن الأسود بن سريع به، والحديث صححه ابن حبان والبيهقي والهيثمي في "المجمع": (٧/ ٢١٩)، والألباني في "السلسلة الصحيحة" رقم (١٤٣٤).