للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمَّ عقَّب هذا الحمد والملك باسمَي (١) (الحكيم الخبير) الدَّالَّين على كمال الإرادة، وأنها لا تتعلّق بمرادٍ (٢) إلا لحكمة بالغة، وعلى كمال العلم، وأنه (٣) كما يتعلَّق بظواهر المعلومات؛ فهو متعلّق ببواطنها التي لا تُدرَك إلا بخبرَةٍ، فنسبةُ الحكمةِ إلى الإرادة كنسبة الخبرةِ إلى العلم، فالمراد ظاهر، والحكمة باطنة، والعلم ظاهر، والخبرة باطنة، فكمال الإرادة: أن تكون واقعة على وجه الحكمة، وكمال العلم: أن يكون كاشفاً عن الخبرة، فالخبرة: باطن العلم وكماله، والحِكْمة: باطن الإرادة وكمالها. فتضمَّنت الآية إثبات حمده وملكه، وحِكمته وعلمه، على أكمل الوجوه.

ثمَّ ذكر (ق/٣١ أ) تفاصيل علمه بما ظهر وما بطن في العالم العُلْوي والسُّفْلي، فقال تعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} [سبأ: ٢].

ثمَّ ختم الآية بصفتين تقتضيان غايةَ الإحسان إلى خَلْقه، وهما: الرحمة والمغفرة، فيجلب لهم الإحسان والنفع على أتمِّ الوجوه برحمته، ويعفو عن زلتهم (٤) ويهب لهم ذنوبَهم ولا يؤاخذهم بها بمغفرته، فقال: {وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ} [سبأ: ٢] فتضمَّنت هذه الآية سَعَة علمه ورحمته وحِلْمه ومغفرته.

وهو سبحانه يَقْرن (٥) بين سَعَة العلم والرحمة، كما يَقْرن بين


(١) (ظ): "باسم".
(٢) ليست في (ق).
(٣) (د): "ذاته".
(٤) (ق): "زللهم".
(٥) (ق): "يفرق" في الموضعين، وهو تحريف.