للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي في معنى المقالات والإشارات، فلا يكون تفسيرًا إلا لفعل في معنى التراجم الخمس الكاشفة عن كلام النفس؛ لأنَّ الكلام القائم في النفس والغائب عن الحواس في الأفئدة يكشفه للمخاطبين خمسةُ أشياء: اللفظ، والخط، والإشارة، والعقد (١)، والنصبة (٢)، وهي لسان الحال، وهي أصدق من لسان المقال، فلا تكون "أن" المفسرة إلا تفسيرًا لما أُجمل من هده الأشياء، كقولك: "كتبت إليه أن اخرج"، و"أشرت إليه أن اذهب" و {نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ} [النمل: ٨] و "أوصيته أن اشكر". و"عقدتُ في يدي أن قد أخذت خمسين". و"زربت (٣) على حائطي أن لا يدخلوه"، ومنه قول الله عزَّ وجل (ق/ ٣٦ أ): {وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (٧) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (٨)} [الرحمن: ٧، ٨] هي هاهنا لتفسير النصبة التي هي لسان الحال.

وإذا كان الأمر فيها كذلك، فهي بعينها التي تقدم ذكرها؛ لأنها إذا كانت تفسيرًا فإنما تفسر (٤) الكلام، والكلام مصدر، فهي إذًا في تأويل مصدر، إلا أنك أوقعت بعدها الفعل بلفظ الأمر والنهي، وذلك مزيد فائدة، ومزيد الفائدة لا تُخْرج الفعلَ عن كونه فعلًا، فلذلك لا تخرج عن كونها مصدرية، كما لا (٥) يخرجها عن ذلك صيغة المُضِيّ والاستقبال بعدها، إذا قلت: "يعجبني أن تقوم" و"أن قمت"، فكأنهم إنما قصدوا إلى ماهية الحدث مُخْبَرًا [به] عن الفاعل لا


(١) هو: الحِساب بعقد الأصابع.
(٢) في "النتائج": "النصب"، والنصب هو العَلَم.
(٣) الزرب: البناء.
(٤) (ق): "فإنها تفسير".
(٥) سقطت من (ق).