للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن صنفته، ومن اقترانه بما يناسبه، ومن تكرُّره، ومن حركته وسكونه، ومن تقديمه وتأخيره، ومن إثباته وحذفه، ومن قلبه وإعلاله، إلى غير ذلك من الموازنة بين الحركات، وتعديل الحروف، وتوخي المشاكَلَة والمخالفة، والخفة والثقل، والفصل والوصل، وهذا باب يقوم من تتبعه سِفْرٌ ضَخْم، وعسى الله أن يساعد على إبرازه بحوله وقوَّته.

ورأيت لشيخنا أبي العباس ابن تيمية فيه فهمًا عجيبًا، كان إذا انبعث فيه (ق/٤٢ أ) أتى بكلِّ غريبة، ولكن كان (١) حاله فيه كما كان كثيرًا يتمثَّل:

تأَلَّقَ البَرْقُ نَجْدِيًّا فقلتُ لَهُ ... يَا أَيُّها البَرْقُ إنِّي عَنْكَ مَشْغُوْلُ (٢)

ولنذكر من هذا الباب مسألة واحدة وهي: حال اللفظ في إفراده وتغييره عند زيادة معناه بالتثنية والجمع دون سائر تغيراته.

فنقول: لما كان المفرد هو الأصل، والتثنية والجمع تابعان له، جعل لهما في الاسم علامة تدل عليهما، وجعلت آخره قضاءً لحق الأصالة فيه والتبعية فيهما والفرعية، فالتزموا هذا في التثنية ولم ينخرم عليهم.

وأما الجمع فإنهم ذهبوا به كلَّ مذهب وصرفوه كل مصرف، فمرة جعلوه على حدِّ التثنية وهو قياس الباب، كالتثنية والنسب والتأنيث وغيرها, وتارة (٣) اجتلبوا له علامةً في وسطه كالألف في "جَعَافر"، والياء في "عَبِيد"، والواو في "فُلُوس"؛ وتارة جعلوا اختصار بعض حروف وإسقاطها علامة عليه، نحو: "عنكبوت وعَنَاكِب",


(١) ليست في (ق).
(٢) لم أعرف قائله، وقد ذكره المؤلف أيضًا في "مدارج السالكين": (٢/ ٨٠٥).
(٣) من (ظ).