للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحسوسة إلى هي السقف، وقصد به إلى ذاتها دون معنى الوصف، صحَّ جمعُها جمع السلامة؛ لأنَّ العدد قليل، وجمع السلامة بالقليل أولى؛ لما تقدَّم من قربه من التثنية القريبة من الواحد، ومتى اعتمد الكلام على الوصف ومعنى العلاء والرفعة، جرى اللفظ مجرى المصدر الموصوف به في قولك: "قوم عَدْل (١) وزَوْر".

وأما الأرض فأكثر ما تجيء مقصودًا بها معنى التحت والسفل، دون أن يقصد ذواتها وأعدادها، وحيث جاءت مقصودًا بها الذات والعدد أتي بلفظ يدل على التعدد (٢)، كقوله تعالى: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: ١٢].

وفرق ثانٍ: وهو أن الأرض لا نسبة لها إلى السموات وسعتها, بل هي بالنسبة إليها كحصاة في صحراء، فهي وإن تعددت وتكررت (٣) فهي بالنسبة إلى السماء كالواحد القليل، فاختير لها اسم الجنس.

وفرق ثالث: أن الأرض هي دار الدنيا إلى التي بالإضافة إلى الآخرة، كما يُدخِل الإنسان إصبعه في اليمِّ، فما تعلق بها هو مثال الدنيا من الآخرة، والله -سبحانه- لم يذكر الدنيا إلا مقللًا لها محقِّرًا لشأنها.

وأما السماوات فليست من الدنيا، هذا على أحد القولين في الدنيا فإنها اسم للمكان، فإن السموات مقر ملائكة الرب تعالى، ومحل دار جزائه، ومهبط ملائكته ووحيه، فإذا اعتمد التعبير عنها، عبر عنها بلفظ الجمع؛ إذ المقصود ذواتها لا مجرد العلو والفوق،


(١) (ظ ود): "عدول".
(٢) (ظ ود): "البعد"!.
(٣) (ظ ود): "وتكبرت".