للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهنَّ المنَايَا أيُّ وادٍ سَلَكنَهُ ... عَلَيْها طَرِيْقي أو عَلَيَّ طَرِيْقُهَا (١)

وقد قررتُ هذا المعنى وبينتُ شواهدَه من القرآن، وسرَّ كون الصراط المستقيم (٢) على الله، وكونه تعالى على الصراط المستقيم كما في قول هود: {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦)} [هود: ٥٦] في كتاب: "التحفة المكية" (٣).

والمقصود أن طريقَ الحق واحد إذ مرَدُّه إلى الله الملك الحق، وطرق الباطل متشعِّبة متعددة (٤)، فإنها لا ترجع إلى شيءٍ موجود ولا غايةَ لها توصل إليها، بل هي بمنزلة بُنَيَّات الطريق، وطريق الحق بمنزلة الطريق الموْصِل إلى المقصود، فهي وإن تنوَّعت؛ فأصلها طريق واحد.

ولما كانت الظلمة بمنزلة طرق (٥) الباطل، والنور بمنزلة طريق الحق، بل هما هما؛ أُفرد النورُ وجُمعت الظلماتُ، وعلى هذا جاء قوله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة: ٢٥٧] (ظ/١٣٤) فوحَّد وليَّ الذين آمنوا وهو الله الواحد الأحد، وجَمع أولياء (٦) الذين كفروا


(١) لم أعرف قائله.
(٢) ليست في (ق).
(٣) أشار المؤلف إلى كتابه هذا في عدة مواضع من هذا الكتاب، وفي كتاب "طريق الهجرتين": (ص/ ٣٧٨)، وانظر: "ابن القيم حياته وآثاره": (ص/ ٢٢٨)، ولا يُعلم من خبره شيء، لكن يبدو من إحالات المؤلف عليه أنه كتاب كبير كثير الفوائد.
(٤) (ق): "متعددة متسعة".
(٥) (ق): "الطريق".
(٦) سقطت من (ظ ود).