للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لتعددهم وكثرتهم. وجمع الظلمات وهي طوق الضلال والغي لكثرتها واختلافها، ووحَّد النورَ وهو دينه الحق وطريقه المستقيم الذي لا طريق إليه سواه.

ولما كانت اليمين جهة الخير والفلاح وأهلها هم الناجون؛ أُفردت، ولما كانت الشمال (ق/ ٤٧ أ) جهة أهل الباطل -وهم أصحاب الشمال- جمعت في قوله تعالى: {الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا} [النحل: ٤٨].

فإن قيل: فهلَّا جاءت (١) كذلك في قوله تعالى: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (٤١)} [الواقعة: ٤١]، وما بالها جاءت مفردة (٢)؟.

قيل: جاءت مفردة؛ لأن المراد أهل هذه الجهة، ومصيرهم ومآلهم إلى جهة واحدة وهي: جهَة الشِّمال مستقرُّ أهل النار، والنار من (٣) جهة الشِّمال، فلا يحسن مَجيئها مجموعةً؛ لأن الطرق الباطلة -وإن تعددت- فغايتها المردُّ إلى طريق الجحيم وهي جهة الشمال، وكذلك مجيئها مفردة في قوله تعالى: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (١٧) لما كان المراد: أن لكلِّ عبد قعيدين، قعيدًا عن يمينه وقعيدًا عن شماله، يحصيان عليه الخيرَ والشرَّ، فلكل عد من يختص بيمينه وشماله من الحَفَظَة، فلا معنى للجمع هاهنا، وهذا بخلاف قوله تعالى حكاية عن إبليس: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} [الأعراف: ١٧] فإن الجمعَ هنا في مقابلة كثرة من يريد إعْواءَهم، فكأنه أقسم أن يأتي كلَّ واحد واحد من بين يديه ومن


(١) سقطت من (ظ ود).
(٢) سقطت من (ق).
(٣) (ق): "هي".