للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شعيب (١) بالفعل، وحَذْفها في قصة صالح من قوله تعالى: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} [هود: ٦٧].

قلت: الصيحة في قصة صالح في معنى العذاب والخزي؛ إذ كانت منتظمةً بقوله سبحانه وتعالى: {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (٦٦)} [هود: ٦٦] فصارت الصيحة عبارة عن ذلك الخزي وعن (٢) العذاب المذكور في الآية، فقوِيَ التذكير، بخلاف قصة شعيب؛ فإنه لم يذكر فيها ذلك، هذا جواب السُّهيلي (٣).

وعندي فيه جواب أحسن من هذا إن شاء الله، وهو: أنَّ الصيحة يراد بها المصدر، بمعنى: الصِّياح، فيحسُن فيها التذكير، ويُراد بها الواحدة من المصدر، فيكون التأنيث أحسن.

وقد أخبر تعالى عن العذاب الذي أصاب به قوم شعيب بثلاثة أمور كلها مؤنثة اللفظ.

أحدها: الرجفة فى قوله فى الأعراف: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٧٨)} [الأعراف: ٧٨].

الثاني: الظلة بقوله: {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} [الشعراء: ١٨٩].

الثالث: الصيحة في قوله تعالى: {وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} [هود: ٩٤]، وجمع لهم بين الثلاثة، فإن الرَّجفةَ بدأت بهم، فأصْحَروا إلى الفضاء خوفًا من سقوط الأبنية عليهم، فصهرتهم (٤) الشمسُ بِحرِّها


(١) في قوله تعالى: {وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} [هود: ٩٤].
(٢) (ق): "وذلك".
(٣) في "نتائج الفكر": (ص / ١٧٠).
(٤) (ق): "فضربتهم".