للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التشريف المقتضية لإسجاده له كونه (١) خلقه بيديه، وأنت لو وضعتَ مكان "ما" (٢) لفظة "من" لما رأيت هذا المعنى باديًا على صفحاتها، لتعينها وتخصيصها، بخلاف ما في لفظة "ما" في الإبهام الدال على أن المراد المعنى (٣) المذكور في الصلة، وأن "ما" جيء بها وَصْلة إلى ذكر الصّلة فتأمَّل ذلك، فلا معنى إذًا للتعيين بالذكر؛ إذ لو أُريْد التعيين لكان بالاسم العَلَم أولى وأحرى.

وكذلك قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (٥)} [الشمس: ٥]؛ لأن (ق/٥٢ ب) القَسَم تعظيم للمُقْسَم يه، واستحقاقه للتعظيم من حيث بنى وأظهر هذا الخلقَ العظيمَ الذي هو السماء، ومن حيث سواها بقدرته، وزينها بحكمته. فاستحق التعظيم وثبتت قدرته، فلو قال: "ومن بناها"، لم يكن في اللفظ دليل على استحقاقه للقسم به (٤)، من حيث اقتدر على بنائها، ولكان المعنى مقصورًا على ذاته ونفسه دون الإيحاء إلى أفعاله الدالة على عظمته، المنبئة عن حكمته، المفصِحَة باستحقاقه للتعظيم من خليقته.

وكذلك قولهم: "سبحان ما يسبحُ الرعد بحمده"؛ لأن الرعد صوت عظيم من جرم عظيم، والمسبح به لا محالة أعظم، فاستحقاقه للتسبيح من حيث [سبَّحته] (٥) العظيمات من خلقه، لا من (ظ/٣٨ ب) حيث كان يعلم، ولا تقل: "يعقل" في هذا الموضع.


(١) من قوله: "وأمره بالسجود ... " ساقط من د.
(٢) سقطت من (ق).
(٣) من قوله: "باديًا على ... " ساقط من (ظ ود).
(٤) من (ق).
(٥) في الأصول "يستحقّه"، والمثبت من "النتائج".