للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المتضمِّن تنزيه الله عما لا يليق به مِن الشرك والكفر والولد والوالد، وأنه إله أَحَدٌ صَمَد، لم يلد فيكون له فرع، ولم يولد فيكون له أصل، ولم يكن له كفوًا أحد فيكون له نظير، ومع هذا فهو الصمد (ظ/ ٤٠ ب) الذي اجتمعت له صفات الكمال كلها، فتضمنت السورةُ إثبات ما يليق بجلالة من صفات الكمال ونفي ما لا يليقُ به من الشريك أصلًا وفرعًا في نظيرًا، فهذا توحيد العِلْم والاعتقاد.

والثاني: توحيد القصد والإرادة، وهو أن لا يعبد إلا إياه، فلا يشرك به في عبادته عباده، بل يكون وحده هو المعبود، وسورة {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)} مشتملة على هذا التوحيد، فانتظمت السورتان نَوْعَي التوحيد وأخلصتا له، فكان - صلى الله عليه وسلم - يفتتح بهما النَّهار. في سُنة الفجر ويختم بهما في سنة المغرب (١). وفي "السنن" (٢) أنه. كان يوتر بهما، فيكونا خاتمة عمل الليل كما كانا خاتمة عمل النهار (٣)، ومن هنا تخريجُ جواب: المسألةِ السابعةِ وهي: تقديم براءته من معبودهم، ثم أتْبعها ببراءَتهم من معبوده فتأمله فإنه واضح (٤).

وأما المسألة الثامنة وهي: إثباته هنا بلفظ: "يا أيها الكافرون" دون: "يا أيها الذين كفروا"؛ فسرُّه -والله أعلم-: إرادة الدلالة على أن من كان الكفر وصفًا ثابتًا له لازمًا لا يفارقه؛ فهو حقيقٌ أن يتبرأَ اللهُ.


(١) انظر ما تقدم قريبًا.
(٢) أخرجه أبو داود رقم: (١٤٢٤)، والترمذي رقم (٤٦٣) وابن ماجه رقم (١١٧٣). من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
قال الترمذي: حسن غريب، وقوَّاه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي.
(٣) انظر: "زاد المعاد": (١/ ٣١٦) نقَلَه فيه عن شيخ الإسلام ابن تيمية، وانظر "مجموع الفتاوى": (١٧/ ١٠٧ - ١٠٨) بنحوه.
(٤) "فإنه واضح" ليست في (ظ ود).