للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشرك، كما جاء في وصفها: "أنها بَرَاءةٌ مِنَ الشِّرْك" (١)، فمقصودُها الأعظم هو البراءة المطلقة بين الموحدين والمشركين، ولهذا أتى بالنفي في الجانبين تحقيقًا للبراءة المطلوبة، هذا مع أنها متضمنة للإثبات صريحًا فقوله: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢)} براءة محضة، {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣)} إثبات أن له معبودًا يعبده وأنهم (٢) بريئون من عبادته، فتضمنت النفي والإثبات وطابقت قولَ إمام الحنفاء: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} [الزخرف: ٢٦ - ٢٧]، وطابقت قول الفِتْية (٣) الموحدين: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} [الكهف: ١٦] فانتظمت حقيقةَ لا إله إلا الله، ولهذا (ق/٥٥ أ) كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها وبـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} في سنة الفجر وسنة المغرب (٤)، فإن هاتين السورتين سورتا الإخلاص، وقد اشتملتا على نوعَي التوحيد (٥)، الذي لا نجاة للعبد ولا فلاح إلا بهما، وهما توحيد العلم والاعتقاد


(١) أخرجه أبو داود رقم (٥٠٥٥)، والترمذي (٣٤٠٣)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم (٨٠١)، وابن حبان "الإحسان": (٣/ ٦٩ - ٧٠)، والحاكم: (٢/ ٥٣٨) وغيرهم من حديث نوفلٍ الأشجعي -والحديث صححه الحاكم وابن حبان، وله شواهد عن غير واحد من الصحابة. انظر: "لمحات الأنوار": (٣/ ١٠٧١ - ١٠٧٩).
(٢) (ظ ود): "وأنتم".
(٣) (ظ ود): "الفئة".
(٤) أما قراءتهما في سنة الفجر؛ فعند مسلم رقم (٧٢٦) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وكذا عن جماعة من الصحابة في السنن وغيرها، انظر: "فتح الباري": (٣/ ٥٧).
أما قراءتهما في سنة المغرب؛ فعند الترمذي (٤٣١)، وقال: غريب، وابن ماجه (١١٦٦) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- وسنده فيه ضَعْف.
(٥) سقطت من (ظ).