للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي تعدل ربع القرآن كما جاء في بعض السنن (١)، وهذا لا يفهمه كلُّ أحد، ولا يدركه إلا من منحه الله فهما من عنده، فله الحمد والمنة.

وأما المسألة الخامسة وهي: أن النفي في هذه السورة أتى بأداة "لا" دون "لن" (٢)، فلِمَا تقدم تحقيقُه عن قربٍ: أن النفي بـ "لا" أبلغ منه بـ "لن"، وأنها أدل على دوام النفي وطوله من "لن"، وأنها للطول: والمد الذي في لفظها طال النفي بها وامتد (٣)، وأن هذا ضد ما فهمته الجهمية والمعتزلة، وأن "لن" إنما تنفي المستقبل ولا تنفي الحال المستمر النفي في الاستقبال، وقد تقدَّم تقرير ذلك بما لا تكاد تجده في غير هذا التعليق (٤)، فالإتيان بـ "لا" مُتَعين هنا؟ والله أعلم.

وأما المسألة السادسة وهي: اشتمال هذه السورة على النفي المحض؛ فهذا هو خاصَّة هذه السورة العظيمة، فإنها سورة براءةٍ من


(١) أخرجه الترمذي رقم (٢٨٩٥)، وأحمد: (٣/ ١٤٧)، وابن عدي في "الكامل": (٣/ ٣٣٣)، والبيهقي: في "الشُّعَب": (٥/ ٤٥٣) من طريق سلمة بن وَرْدان، عن أنس، وفيه: أن "قل يا أيها الكافرون" تعدل ربع القرآن".
وسلمة ضعيف الحديث، وهذا الحديث عن مناكيره، لكن حسنه الترمذي.
وأخرجه الترمذي رقم (٢٨٩٣)، والبيهقي في "الشعب": (٥/ ٤٥٤) من طريق الحسن بن سَلْم العجلي، عن ثابت، عن أنس.
قال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث هذا الشيخ" ومثله قال أبو أحمد الحاكم كما في "التهذيب": (٢/ ٢٨٠).
وله شاهد من حديث ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- وفيه ضعف. انظر: "لمحات الأنوار": (٣/ ١٠٤٨) وما بعدها، و ١٠٦٩ - ١٠٧٩، للغافقي. "وتخريج الكشاف": (٤/ ٣٠٧) للزيلعي.
(٢) (ظ): "أن" في جميع المواضع وهو خطأ.
(٣) (ظ ود): "في نفيها طال النفي بها وأشد"!.
(٤) انظر ما تقدم: (ص/ ١٦٦ - ١٦٩).