للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي تختصون به لا نشرككم فيه.

فتبارك من أحيا قلوب من شاء من عباده بفهم كلامه. وهذه المعاني ونحوها إذا تجلَّت للقلوب رافِلَةً قي حُللها فإنها تَسْبي القلوبَ وتأخذ بمجامِعِها، ومن لم يصادف من (١) قلبه حياة؛ فهي:

* خَوْدٌ (٢) تُرَفُّ إلى ضَرِيرٍ مُقعدِ *

فالحمد لله على مواهبه التي لا منتهى لها، ونسأله تمام نِعْمته.

وأما المسألة العاشرة وهي: تقديم قِسْمهم ونصيبهم على قَسْمه ونصيبه، وفي أول السورة قدم ما يختص به على ما يختص بهم، فهذا من أسرار الكلام وبديع الخطاب الذي لا يُدركه إلا فحولُ البلاغة وفرسائها، فإن السورةَ لما اقتضت البراءة واقتسام ديني التوحيد والشرك بينه وبينهم، ورضيَ كلٌّ بقسمه، وكان المحِقُّ هو صاحب القسمة، وقد برز النصيبين وميَّز القسمين، وعلم أنهم راضون بقسمهم الدون الذي لا أَرْدَأ منه، وأنه هو قد استولى على القسم (ظ/ ٤١ أ) الأشرف (٣) والحظ الأعظم، بمنزلة من اقتسم هو وغيره سُمًّا وشِفاء، فرضيَ مُقاسِمة بالسمِّ، فإنَّه يقول له: لا تشاركني في قسمي ولا أشاركك في قسمك، لك قسمك ولي قسمي.

فتقديم ذكر قسمة هاهنا أحسن وأبلغ، كأنه يقول: "هذا هو قسمك الذي آثرته بالتقديم وزعمت أنه أشرف القسمين وأحقهما بالتقديم"، فكان في تقديم ذِكر قسْمِه من التهكُّم به والنداء على سوء


(١) ليست في (ق).
(٢) الخَود: الشابة الحسناء.
(٣) ليست في (ظ).