للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دخلت على الفعل كان معها في تأويل المصدر، هكذا أطلق النحاة، وهنا أمور يجب التنبيه: عليها والتنبه لها:

أحدها: الفرق بين المصدر الصريح والمصدر (١) المقدر مع "ما" والفرق بينهما أنك إذا قلت: "يعجبني صنعك"، فالإعجاب هنا واقع على نفس الحدث بقطع النظر عن زمانه ومكانه، وإذا قلت: "يعجبني ما صنعتَ"، فالإعجاب واقع على صنع ماضي، وكذلك "ما تصنع" واقع على مستقبل فلم تتحد دلالة "ما" والفعل والمصدر.

الثانى: أنها لا تقع مع كلِّ فعلٍ في تأويل المصدر، وإن وقع المصدر في ذلك الموضع، فإنك إذا قلت: "يعجبني قيامك"، كان حسنًا، فلو قلت: "يعجبني ما تقوم"، لم يكن كلامًا حسنًا، وكذلك: "يعجبني ما تجلس"، أي: قيامُك وجلوسُك، ولو أتيت بالمصدر كان حسنًا، وكذلك إذا قلت: "يعجبني ما تذهب"، لم يكن في الجواز والاستعمال مثل "يعجبني ذهابُك".

فقال أبو القاسم السهيلي -رحمه الله (٢) -: "الأصل في هذا: أن "ما" لما كانت اسمًا مبهمًا، لم يصح وقوعها إلا على جنسٍ تختلف أنواعُه؛ فإن كان (٣) المصدر مختلف الأنواع، جار أن تقع عليه ويُعَبَّر بها عنه، كقولك: "يعجبني ما صنعتَ، وما عملتَ، وما حكمتَ"؛ لاختلاف أنواع الصنع والفعل والحكم (٤).


(١) من قوله: "هكذا أطلق ... " إلى هنا ساقط من (ق).
(٢) في "نتائج الفكر": (ص/ ١٨٦) بتصرُّف.
(٣) ليست في (ق).
(٤) (ظ ود): الاختلاف: الصنعة والعلم والحكم"، و"النتائج": وكذلك الصنع والفعل والعمل".