للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولدخول إحداهما على الأخرى ظنَّ كثيرٌ من الناس أن قولَه تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦)} [الصافات: ٩٦] أنها مصدرية. واحتجوا بها على خلق الأعمال، وليست مصدرية وإنما هي موصولة، والمعنى: والله خلقكم وخلقَ الذي تعملونه وتنحتونه من الأصنام، فكيف تعبدونه وهو مخلوق لله؟! ولو كانت مصدرية لكان الكلام آل (١) إلى أن يكون حجة لهم أقرب من أن يكون حجةً عليهم؛ إذ (٢) يكون المعنى: أتعبدون ما تنحتون والله خلق عبادتكم لها؟! فأي معنى في هذا وأي حجة عليهم؟!.

والمقصود: أنه كثيرًا ما تدخل إحداهما على الأخرى، ويحتملهما الكلام سواء.

وأنت لو قلت: أيعجبني الذي يجلس"؛ لكان غثًّا من المقال، إلا أن تأتي بموصوف يجرى هذا صفة له، فتقول: "يعجبني الجلوسُ الذي تَجْلس وكذلك إذا قلت: فيعجبني الذي ينطلق (ق/ ٥٧ ب) زيد"، كان غثًّا، فإذا قلت: "يعجبني الانطلاق الذي ينطلق زيد"؛ كان حسنًا، فمن هنا اسْتُغِثَّ: "يعجبني ما يَنْطَلِق وما تَجْلِس" إذا أردت به المصدر (٣).

وأنت لو قلت: "آكل ما يأكل"؛ كانت موصولة، وكان الكلام حسنًا، فلو أردت بها المصدرية والمعنى: آكل أكلك؛ كان غثًّا حتى تأتي بضمِيْمَةٍ تدل على المصدر، فتقول: آكل كما يأكل، فعرفت أنه


(١) من (ق).
(٢) (ق): "أو".
(٣) (ق): "المصدرية".