للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فقد تقول: عملتُ الصحفةَ (١)، وصنعتُ الجَفْنة، وكذلك الأصنام (٢) معمولة على هذا؟.

قلنا (٣): لا يتعلق الفعل فيما ذكرتم إلا بالصورة التي هي التأليف والتركيب، وهي نفس: العمل. وأما الجوهر المؤلَّف المركَّب فليس بمعمولٍ لنا، فقد رجعَ العملُ والفعل إلى الأحداث دون الجواهر. هذا إجماع مِنَّا ومنهم، فلا يصح (٤) حملهم على غير ذلك.

وأما ما زعموا من حُسْن النظم وإعجاز الكلام؛ فهو ظاهر، وتأويلنا معدوم في تأويلهم؛ لأن الآية وردت في بيان استحقاق الخالق للعبادة؛ لانفراده بالخلق، وإقامة الحجة على من يعبد ما لا يَخْلق وهم يُخْلَقون، فقال: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} [الصافات: ٩٥] أي: من لا يخلق شيئًا وهم يُخْلقون، وتَدَعُون عبادةَ من خلقَكُم وأعمالَكُم التي تعملون، ولو لم يُضِفْ خلقَ الأعمال إليه في الآية، وقد نسبها بالمجاز إليهم لما قامت له حُجة [عليهم] من نفس الكلام، لأنه كان يجعلهم خالقين لأعمالهم، وهو خالق لأجناس أُخَر، فيشركهم معه في الخلق -تعالى الله عن قول الزائغين- ولا لعًا (٥) لعثرات المبطلين، فما أدحضَ حجَّتَهم! وما أوهى قواعد مذهبهم! وما أبين الحق لمن اتبعه! جعلنا الله من أتباعه وحزبه.


(١) (ق و"النتائج"): "الصفحة"، وانظر ما سيأتي على الصواب (ص / ٢٦٦).
(٢) (ظ ود): "الأجسام".
(٣) (ق): "قلت".
(٤) (ظ ود): "يصلح".
(٥) لعًا: كلمة يدعى بها للعاثر، قال أبو عبيد: من دعائهم: لا لعًا لفلان، أي: لا أقامه الله. انظر: "اللسان": (١٥/ ٢٥٠).