للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تتعلق بإيجادها؟ أم تعني به: أنها لا تتعلق بتغييرها وتصويرها؟ أم تعني به أعم من ذلك، وهو المشترك بين القسمين؟

فإن عنيتَ الأول، فمسلَّم، لكن لا يفيدك شيئًا، فإن كونها موصولة لا يستلزم ذلك، فإن كون الأصنام معمولة لهم لا يقتضي أن تكون مادتها معمولة لهم، بل هو على حدِّ قولهم. "عملتُ بيتًا، وعملت بابًا، وعملت حائطًا، وعملت ثوبًا"، وهذا إطلاق حقيقي ثابت عقلًا ولغةً وشرعًا وعرفًا لا يتطرق إليه ردٌّ، فهذا ككون الأصنام معمولة سواء.

وإن عنيتَ: أن أفعالهم لا تتعلق بتصويرها؛ فباطل قطعًا. وإن عنيتَ القدرَ المشتركَ؟ فباطل -أيضًا- فإنه مشتملٌ على نفي حقٍّ وباطل، فنفي الباطلِ صحيح، ونفي الحقِّ باطل.

ثم يقال -أيضًا-: إيقاع العمل منهم على الجواهر والأجسام يجور أن يطلق فيه العمل الخاص، وشاهده في الآية: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (٩٥)} [الصافات: ٩٥] فـ "ما" هاهنا موصولة فقد أوقع (١) فعلهم، وهو النحت على الجسم، وحينئذٍ فأي فرق بين إيقاع أفعالهم الخاصة على الجوهر والجسم، وبين إيقاع أفعالهم العامة عليه، لا بمعنى أنَّ ذاته مفعولة له، بل بمعنى (٢) أن فعلهم هو الذي صار به صنمًا، واستحقَّ أن يُطلق عليه اسمه، كما أنه بفعلهم صار منحوتًا واستحق هذا الاسم، وهذا بَيِّن.

وأما قوله بجواب النقض بـ: "عملتُ الصَّحْفةَ وصنعتُ الجفنةَ": أن الفعل متعلق بالصورة التي هي التأليف والتركيب وهي نفس


(١) (ق): "وهذا وقع".
(٢) (ق وظ) "معنى"، والمثبت من (د).