للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المراد من قوله: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦) كان يقتضي أن يُقال: ألا يعبدون الله وهو خالقهم وخالق أعمالهم، فتأمله فإنه واضح.

وقول أبي القاسم -رحمه الله- في تقرير حجة المعتزلة من الآية: إنه لا يصح أن تكون مصدرية وهو باطل من جهة النحو؛ ليس كذلك.

أما قوله: إن "ما" لا تكون مع الفعل الخاص مصدرًا! فقد تقدَّم بطلانُه وأن (١) مصدريتها تقع مع الفعل الخاص المبهم، كقوله تعالى: {بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (٧٧)} [التوبة: ٧٧] وقوله تعالى: {بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} (٢) [آل عمران: ٧٩] وقوله تعالى: {بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ} [غافر: ٧٥] إلى أضعاف ذلك، فإن هذه كلها أفعال خاصة، وهي أخص من مطلق العمل، فإذا جاءت مصدرية مع هذه الأفعال؛ فمجيئها مصدرية مع العمل أولى.

قولهم: إنهم لم يكونوا يعبدون النحتَ وإنما عبدوا المنحوت، حجة فاسدة؛ فإن الكلام في "ما" المصاحبة للفعل (٣)، دون المصاحبة لفعل النحت، فإنها لا تحتمل غير الموصولة، ولا يلزم من كون الثانية مصدرية كون الأولى كذلك، فهذا تقريرٌ فاسد. وأما (ق ٦٠/ ب) تقريره كونها مصدرية- أيضًا- بما ذكره فلا حجة له فيه.

أما قوله: "أفعال العباد لا تقع على الجواهر والأجسام"، فيُقَال: ما معنى عدم وقوعها على الجواهر والأجسام؛ أتعني به: أن أفعالهم


(١) (ظ ود): "إذ".
(٢) في "الأصول": "بما كنتم تتلون الكتاب"! والآية كما أثبت.
(٣) (ق): "للعمل".