للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعنى المقصود بالسياق (١) صُبْحُه، ووضح لك شرحُه، وانجلى بحمد الله الإشكال، وزال عن المعنى غطاءُ الإجمال، وبان أن ابنَ قتيبةَ في تفسير الآية وُفِّق للسداد، كما وُفِّق لموافقة أهل السنة في خلق أعمال العباد، ولا تستطِلْ هذا الفصل، فإنه يُحقق لك فصولًا لا تكاد تسمعها في خلال المذاكرات، ويُحصِّل لك قواعدَ وأصولًا لا تجدها فى عامة المصنفات.

فإن قيل: فأين ما وعدتم به من الاستدلال بالآية على خلق الله لأعمال العباد على تقدير كون "ما" موصولة؟.

قيل: نعم قد سبقَ الوعدُ بذلك، وقد حان (٢) إنجازُه وآن إبرازُه. ووجه الاستدلال بها أعلى هذا التقدير أن (٣) الله سبحانه أخبر: أنه خالقهم وخالق الأصنام التي عملوها، وهي إنما صارت أصنامًا بأعمالهم، فلا يقع عليها ذلك الاسم إلا بعد عملهم، فإذا كان سبحانه هو الخالق اقتضى صحة هذا الإطلاق أن يكون خالقها بجملتها، أعني: مادَّتَها وصورَتَها، فإذا كانت صورتها مخلوقة لله كما أن مادتها كذلك؟ لزم أن يكون خالقًا لنفس عملهم الذي حصلت به الصورة، لأنه متولِّد عن نفس حركاتهم. فإذا كان الله خالقهم كانت أعمالهم التي تولَّد عنها ما هو مخلوق لله مخلوقة له، وهذا أحسن استدلالًا وألطف من جعل "ما" مصدرية.

ونظيره من الاستدلال سواء قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ


(١) سقطت من (ق).
(٢) (ق): "سبق بذلك وعد حان ... "!.
(٣) سقطت من (ظ).