للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن الأنباري (١): "لا خلاف بين أهل اللغة، أن الصَّمد السيد الذي ليس فوقه أحد، الذي يَصْمُد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم". واشتقاقه يدلُّ على هذا، فإنه من الجمع والقصد فهو الذي اجتمع القصد نحوه، واجتمعت فيه صفاتُ السؤدد، وهذا أصله في اللغة (٢) كما قال:

ألا بَكَّرَ النَّاعِي بِخَيْرَي بَني أَسَدْ ... بعَمْروِ بنِ يَرْبوعٍ وبالسَّيِّدِ الصَّمَدْ (٣)

والعرب تسمِّي أشرافَها: بالصمد؛ لاجتماع قَصْد القاصدين إليه، واجتماع صفات السِّيادة فيه.

السادس: صفهَ تحصل من اقتران (٤) أحد الاسمين والوصفين بالآخر، وذلك قدرٌ زائد على مفرديهما نحو: الغني الحميد، العفو (٥) القدير، الحميد المجيد، وهكذا عامة الصفات المقترنة والأسماء المزدوجة في القرآن، فإن الغنيَّ صفة كمالٍ، والحمد كذلك، واجتماع الغِنَى مع الحَمْد كمالٌ آخر، فله ثناءٌ من غِناه، وثناءٌ من حَمْده، وثناءٌ من اجتماعهما. وكذلك: العفو القدير، والحميد المجيد (٦)، والعزيز الحكيم؛ فتأمله فإنه من أشرف المعارف.

وأما صفات السَّلْب المَحْض؛ فلا تدخل في أوصافه -تعالى- إلا أن تكون متضمِّنة لثبوتٍ؟؛ كـ "الأحد" المتضمن لانفراده بالرُّبوبية


(١) في كتابه "الزاهر في معاني كلمات الناس": (١/ ٨٣).
(٢) "في اللغة" ليست في (ق).
(٣) نُسِب لغير واحد وانظر هامش "الزاهر" رقم (٤٦).
(٤) (ق ود): "صفة في اقتران ... ".
(٥) (ق): "الغفور".
(٦) من قوله: "وهكذا عامة الصفات ... " إلى هنا ساقط من (د).