للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقالت طائفة من المتكلمين: هي حقيقة في العبد، مَجاز في الرب، وهذا قول غُلاة الجهمية وهو أخبث الأقوال وأشدها فسادًا.

الثاني مقابله وهو: أنها حقيقة في الرب مجاز في العبد، وهذا قول أبي العباس النَّاشِئ (١).

الثالث: أنها حقيقة فيهما.

وهذا قول الأكثرين (٢)، وهو الصواب. واختلاف الحقيقتين فيهما لا يخرجها عن كونها حقيقة فيهما. وللرَّب تعالى منها ما يليق بجلاله، وللعبد منها ما يليق يه. وليس هذا موضع التعرض لمأخذ هذه الأقوال، وإبطال باطلها وتصحيح صحيحها، فإن الغرض الإشارة: إلى أمور ينبغي معرفتها فى هذا الباب، ولو كان المقصود بسطها لاستدعت سِفْرين أو أكثر.

الرابع عشر: أنَّ الاسم والصفة من هذا النوع له ثلاثة اعتبارات: اعتبار من حيث هو، مع قَطْع النظر عن تقييده بالرَّبِّ أو العبد.

الاعتبار الثاني: اعتباره مضافًا إلى الرب مختصًّا به.

الثالث: اعتباره مضافًا إلى العبد مُقَيدًا به، فما لزم الاسم لذاته وحقيقته، كان ثابتًا للرب والعبد، وللربِّ منه ما يليق بكماله، وللعبد منه ما يليق به.


(١) هو: أبو العباس عبد الله بن محمد بن شِرْشِيْر الأنباري، من كبار المتكلمين ت (٢٩٣).
انظر: "تاريخ بغداد": (١٠/ ٩٢)، و"السير": (١٤/ ٤٠).
(٢) من (ق)، وفي "المنيرية": "أهل السنة"، وفى (د) بياض ثم كتب بخط حديث مغاير "أهل السنة".