للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا كاسم السميع الذي يلزمه إدراك المسموعات، والبصير (ق/ ٦٦ ب) الذي يلزمه رؤية المُبْصَرات، والعليم والقدير وسائر الأسماء، فإن شرط صحة إطلاقها: حصول معانيها وحقائقها للموصوف بها.

فما لزم هذه الأسماء لِذَاتها، فإثباته للرب -تعالى- لا محذورَ فيه بوجهٍ، بل تثبتُ له على وجه لا يماثل (١) فيه خلقَه ولا يشابههم، فمن نفاه عنه لإطلاقه على المخلوق أَلْحد في أسمائه وجَحَدَ صفات كماله. ومن أثبته له على وجهٍ يماثل فيه خلْقَه فقد شبَّهَه بخلقه، ومن شبَّه اللهَ بخلقه فقد كفر، ومن أثبته له على وجهٍ لا يماثل فيه خلقه، بل كما يليقُ بجلاله وعظمته؛ فقد بَرِئ من فَرْث التشبيه ودَمِ التعطيل (٢)، وهذا طريق أهل السنة.

وما لزم الصفةَ لإضافتها إلى العبدِ وجبَ نفيه عن الله، كما يلزم حياة العبد من النوم والسِّنَةِ والحاجة إلى الغذاء ونحو ذلك. وكذلك ما يلزم إرادته من حركةِ نفسه في جلبِ ما ينتفع به ودفع ما يتضرَّر به. وكذلك ما يلزم علوه من احتياجه إلى مَا هو عال عليه، وكونه محمولًا به مفتقرًا إليه محاطًا به، كلُّ هذا يجب نفيه عن القدوس السلام -تبارك وتعالى-.

وما لزم الصفة من جهة اختصاصه -تعالى- بها، فإنه لا يثبت للمخلوق بوجهٍ، كعلمه الذي يلزمه القدم والوجوب (ظ/ ٤٩ ب) والإحاطة بكل معلوم، وقدرته وإرادته وسائر صفاته، فإن ما يختص به منها (٣) لا


(١) (ظ ود): "يماثله".
(٢) في هامش (د) حاشية: هي: "يعني أن عقيدة أهل السنة تخرج لبنًا خالصًا من بين الدم والفرث، أي: من بين التعطيل والتشبيه. ذكر معناه مؤلفه في غير هذا".
(٣) (ق): "بنفيها".