للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحال، كما إذا قلت: "جاءني زيدُ الكاتب، وكاتبًا"، وبينهما من الفرق ما تراه، فما المانع من الاختلاف كذلك في النكرة إذا قلت: "مررت برجلٍ كاتب، أو كاتبًا"؛ لأن الحاجة قد تدعو إلى الحال من النكرة كما تدعو إلى الحال من المعرفة ولا فرق.

وأما السماع؛ فأكثر من أن يُحْصَر، فمنه: "وصلَّى خَلْفَه رجالٌ قِيامًا" (١)، وأما نحو: "وقع أمرٌ فَجْأة"، فحال من مصدرِ "وقعَ" لا من "أمر"، وكذلك: "أقبل رجلٌ مَشْيًا" حال من "الإقبال".

وهذا صحيحٌ؛ ولكن الأكثر ما قاله النحاة، إيثارًا لاتفاق اللفظ، ولتقارب ما بين المعنيين في النكرة، ولتباعد ما بينهما في المعرفة؛ (ق / ٧٤ ب) لأن الصفة في النكرة مجهولة عند المخاطب حالاً كانت أو نعتًا، وهي في المعرفة بخلاف ذلك. ولو كانت الحال من النكرة ممتنعة لأجل تنكيرها لما اتفقت العرب على صحتها حالاً إذا تقدمت عليها كما أنشده سيبويه (٢):

* لميَّةَ مُوْحِشًا طَلَلُ (٣) *

وقوله:

وتَحت العوالي والقَنَا مسْتكِنَّةً ... ظباءٌ أعارتها العيون الجَاذرُ (٤)


(١) أخرجه البخاري رقم (١١١٣)، ومسلم رقم (٤١٢). من حديث عائشة - رضي الله عنها - ولفظ البخاري: "وصلَّى وراءه قومٌ قيامًا".
(٢) في "الكتاب": (١/ ٢٧٦).
(٣) تمامه: * يَلُوْحُ كأْنَّه خَلَل*.
والبيت لكُثيِّر عَزَّة، وانظر تخريجه فيما سيأتي (٣/ ٨٩٨).
(٤) البيت لذي الرُّمَّة "ديوانه": (٢/ ١٠٢٤) وفيه: (مستقِلَّة) بدل (مستكنة).