للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معنى الابتداء يبطل ويصير المبتدأُ فاعلاً، وإذا صار فاعلاً بطل أن يكون في الفعل ضمير لتقدُّم الفعل على الفاعل، وإذا بطل وجود الضمير بطل وجود الحال منه، وهذا بديعٌ في النظر.

فإن قيل: إن المجرور يُنْوَى به التأخير؛ لأن خبر المبتدأ حقه أن يكون مؤخَّرًا.

قيل: وإذا نويت به التأخير لم يصح وجود الحال مقدمة على المبتدأ؛ لأنها لا تتقدم على عاملها إذا كان معنويًّا، فبطل كون الحال من شيءٍ غير الاسم النكرة الذي هو مبتدأ عند سيبويه وفاعل عند الأخفش، وهذا السؤال لا يلزم الإخفش على مذهبه، وإنما يلزم سيبويه ومن قال بقوله، ولولا الوَحْشَة من مخالفة الإمام أبي بشر لنصرتُ قولَ الأخفش نصرًا مؤزرًا وجلوتُ مَذْهَبَه في [مِنَصَّة] (١) التحقيق مُفَسَّرًا، ولكن النفس إلى مذهب سيبويه أَمْيَل". هذا كلام الفاضل (٢)؛ وهو كما ترى كأنه سَيْل ينحطُّ من صَبَبٍ.

قلت: والكلام معه في ثلاثة مقامات: أحدها: تحقيق مذهب الأخفش في أن قولك: "في الدار رجل"، ارتفاع رجل بالظرف لا بالابتداء (٣). والمقام الثاني: أنَّ الحال من النكرة يمتنع أن يكون حالاً من الضمير في الظرف. والمقام الثالث: الكلام فيما ذكره من الدَّور في المسألة النحوية، وأنه ليس مطابقًا للدور في المسألة الفقهية.

فأما المقام الأول: فاعلم أنَّ الأخفش مذهبه إذا تقدَّم الظرف على


(١) (ظ ود): "منصب" والمثبت من "النتائج".
(٢) يعني: العلامة السهيلي في "نتائج الفكر": (ص/ ٢٣٦).
(٣) (ظ ود): "بلانتقاء" وهو خطأ.