للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التقدير يصير (١): "قام زيد وقام أخوه"، فخَلَت الصلةُ من العائد.

ومنها قوله سبحانه وتعالى: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩)} [القيامة: ٩] غلب المذكر على المؤنث لاجتماعهما، ولو قلت: "طلعَ الشمس والقمر"، لقَبُح ذلك كما يقبح: "قام هند وزيد"، إلا أن تريد الواو الجامعة لا العاطفة. وأما في الآية فلابد أن تكون الواو جامعة، ولفظ الفعل يقتضي ذلك.

وأما "الفاء"؛ فهي موضوعة للتعقيب، وقد تكون للتسبيب والترتيب (ظ / ٥٨ ب)، وهما راجعان إلى معنى التعقيب؛ لأن الثاني بعدهما أبدًا إنما يجيء في عَقب الأول فالتسبيب نحو: "ضربته فبكى"، والترتيب [نحو]: {أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا} [الأعراف: ٤] دخلت الفاء لترتيب اللفظ؛ لأن الهلاك يجب تقديمه في الذكر؛ لأن الاهتمام به أولى، وإن كان مجيء البأس قبله في الوجود. ومن هذا:

إِنَّ مَنْ سَادَ ثُمَّ سَادَ أَبُوه ... ثُمَّ قَدْ سَادَ بَعْدَ ذَلكَ جَدُّهُ (٢)

دخلت "ثم" لترتيب الكلام، لا لترتيب المعنى في الوجود، وهذا معنى قول بعض النحاة: إِنها تأتي للترتيب في الخَبَر لا في المُخْبر.

وعندي في الآية تقديران آخران أحسن من هذا:

أحدُهما: أَنْ يكون المراد بالإهلاك إرادة الهلاك، وعبَّر بالفعل عن الإرادة، وهو كثير، فترتَّب مجيءُ البأسِ على الإرادة ترتُّب المراد على الإرادة.


(١) سقطت من (ظ ود).
(٢) البيت لأبي نُوَاس، "ديوانه": (ص/٤٩٣) والرواية فيه:
قل لمن سادَ ثم سادَ أبوه ... قبلَه، ثم قبلَ ذلك جدُّه