للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النحاة قال إن "إذ" زائدة هنا، وليس كذلك.

ومن هذا الباب "الواو" المتضمِّنة معنى "رُبَّ"، فإنك تجدها في أول الكلام كثيرًا إشارة منهم إلى تَعْداد المذكور بعدها (١) من فخر أو مدح أو غير ذلك. فهذه كلها معان مضمرة في النفس، وهذه الحروف عاطفة عليها، وربما صرحوا بذلك المضمر كقول ابن مسعود: "دَعْ ما في نفسك وإن أفتوك عنه وأفتوك" (٢).

ومن هذا الباب حذف كثير من الجوابات في القرآن لدلالة "الواو" عليها لعلم المخاطب أن "الواو" عاطفة، ولا يُعْطف بها إلا على شيء كقوله تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} [يوسف: ١٥] وكقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر: ٧٣] وهو كثير (٣) وهذا الباب واسع في اللغة.

فهذا ما في هذه المسألة، وكان قد وقع لي هذا بعينه أيام (٤) المقام بمكة، وكان يجول في نفسي فأضربُ عنه صفحًا؛ لأني لم أره في مباحث القوم، ثم رأيته بعدُ لفاضلين من النحاة؛ أحدهما: حامَ حوله وما وَرَدَ، ولا أعرف اسمه. والثاني: أبو القاسم السهيلي -رحمه الله- فإنه كَشَفَه وصرَّح به (٥)، وإذا لاحت الحقائق؛ فكن أسعد الناس بها وإن جفاها الأغمار!! والله الموفق للصواب.


(١) كذا بالأصول ونسخ "النتائج" واستظهر محققه أنها: "قبلها".
(٢) ورد بمعناه أحاديث مرفوعة عن جماعة من الصحابة، عن أبي أمامة، ووابصة ابن معبد، والنواس بن سمعان.
(٣) "وهو كثير" ليست في (ظ ود).
(٤) (ظ ود): "أمام".
(٥) في كتابه "نتائج الفِكر"، وقد تقدم العزو إليه.