للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* وذلكَ في ذاتِ الإلهِ ... *

قال: "وليست هذه اللفظة إذا استقرَيْتَها في اللغة والشريعة كما زعموا، ولو كان كذلك لجاز أن يقال: "عبد ذاتَ الله" و "احْذَر ذات الله" كما قال تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: ٢٨] وذلك غير مسموع، ولا يقال إلا بحرف "في" الجارَّة، وحرف "في" للوعاء، وهو معنى مستحيل على نفس الباري -تعالى-، إذا قلت: "جاهدت في (١) الله"، و "أحببتك في الله" محال أن يكون هذا اللفظ حقيقة، لما يدل عليه هذا الحرف من معنى الوعاء، وإنما هو على حذف المضاف، أي: في مرضاة الله وطاعته، فيكون الحرف على بابه، كأنك قلتَ: هذا [محسوب] (٢) في الأعمال التي فيها مرضاة الله وطاعته (٣). وأما أن تَدَع اللفظ على ظاهرة فمحالٌ.

وإذا ثبت هذا فقوله: "في ذات الله" أو: "في ذات الإله"، إنما يريد في الديانة والشريعة التي هي ذات الإله (٤)، فذات وصف للديانة، وكذلك هي في الأصل موضوعها نعت لمؤنَّث. ألا ترى أن فيها "تاء" التأنيث، وإذا كان الأمر كذلك فقد صارت عبارة عما تّشّرَّف بالإضافة إلى الله -عز وجل- لا عن نفسه سبحانه، وهذا هو المفهوم من كلام العرب، ألا ترى قول النابغة الذبياني (٥):


(١): (ق): "في ذات".
(٢): (ق): "محبوب" والمثبت من "النتائج".
(٣): من قوله: "فيكون الحرف ... " إلى هنا ساقط من (ظ ود).
(٤): (ق): "للإله"، و"النتائج": "الله".
(٥) "ديوانه": (ص/ ٥٦)، وعجزه:
* قويمٌ فما يرجون غيرَ العواقب *