للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليهود. ووجه تكرر هذا الضلال: أن الضَّال قد يضل عن نَفس (١) مقصُوْدِه، فيكون ضالًّا (٢) فيه، فيقصد ما لا ينبغي أن يُقْصَد، ويعبد من لا ينبغي أن يُعْبَد (٣)، وقد يُصيب مقصودًا حقًّا لكن يضل في طريقِ طلبِه والسبيلِ الموصلة إليه، فالأول: ضلال في الغاية. والثاني: ضلالَ في الوسيلة، ثم إذا دَعَا غيرَه إلى ذلك فقد أضلَّه.

وأسلاف النصارى اجتمعت لهم الأنواع الثلاثة:

فضلوا عن مقصودهم حيث لم يصيبوه، وزعموا أن إلههم بَشَر يأكل ويشرب ويبكي، وأنه قُتِل وصُلِب وصُفِع، فهذا ضلال في نفس المقصود حيث لم يظفروا به.

وضلوا عن السبيل الموصلة إليه، فلا اهتدوا إلى المطلوب، ولا إلى الطريق الموصل إليه.

ودعوا أتباعَهم إلى ذلك، فضلوا عن الحق وعن طريقه وأضلوا كثيرًا، فكانوا أدخلَ في الضلالِ من اليهود. فوُصِفُوا بأخصِّ الوصفين.

والذي يحقق ذلك: أن اليهود إنما أُتوا من فساد (٤) الإرادة والحسد، وإيثار ما كان لهم على قومهم من السُّحْت والرياسة فخافوا أن يَذْهب بالإسلام، فلم يؤتوا من عدم العلم بالحقِّ، فإنهم كانوا يعرفون أن محمدًا رسول الله كما يعرفون أبناءَهم، ولهذا لم يوبِّخهم الله -تعالى- ويقرِّعهم إلا بإرادتهم الفاسدة من الكِبْر والحسد وإيثار


(١) (ظ ود): "أن الضلال قد نفس"!.
(٢) (ق): "ضلال".
(٣) (ق ود): "ويعبد ما لا ينبغي له أن يعبده". و"له" من (ق) وحدها.
(٤) (ق): "نفس".