للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنه: {وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٥) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ} [آل عمران: ٤٥ - ٤٦]} لأن الاسم المعطوف عليه لما كان حاملاً للضمير صارَ بمنزلة الفعل، ولو كان مصدرًا لم يجز عطف الفعل عليه إلا بإضمار "أن"؛ لأن المصادر لا تتحمل الضمائر.

فإن قيل: فلم جاز عطفُ الفعل على الاسم الحامل للضمير ولم يعطف الاسم على الفعل، فتقول: مررتُ برجلٍ يقعد وقائم، كما تقول: قائم ويقعد.

قيل: هذا سؤالٌ قوي، ولما رأى بعض النحاة أنه لا فرق بينهما أجاز ذلك وهو الزجاج، فإنه (ق/ ١٠٨ أ) أجازه في "معاني القرآن" (١)، والصحيحُ: أنه قبيح. والفرقُ بينهما أنك إذا عطفت الفعل على الاسم المشتق منه رَدَدت الفرع إلى الأصل؛ لأن الاسم أصل الفعل والفعل متفرِّع عنه، فجاز عطف الفعل عليه! لأنه ثان والثواني فروع على الأوائل. وإذا عطفتَ الاسمَ على الفعل كنت قد رددت الأصل فرعاً وجعلته ثانيًا، وهو أحق (ظ/ ٨٢ ب) بأن يكون مقدَّمًا لأصالته.

وسرُّ المسألة؛ أن عَطْف الفعل على الاسم في محل قوله: {صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ}، و: "مررتُ برجل قائم ويقعد"؛ لأن الاسم مُعْتمد على ما قبله، وإذا كان اسم الفاعل معتمدًا عَمِل عَمَل الفعل وجرى مجراه، والاعتماد أن يكون نعتاً أو خبرًا أو حالاً، والذي بعد "الواو" ليس بمعتمد، فلو عكستَ المسألة وقلت: "يصففن وقابضات"، و"يقوم وقاعد"؛ قَبُح، لأن ما بعد "الواو" اسم محض وليس بمعتمد، فيجري مَجْرى الفعل (٢).


(١) (١/ ٤١٢).
(٢) (ق): "وليس بمعتمد فجرى مجرى الفعل" وبقية الكلام ساقط.