للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والكمال، لأنه جنس يجمع الأنواع التي تحته. وهذا هو الأصل في هذا الباب، فمتى شذَّ عنه منه شيء فلمانع وحكمة أخرى كقولهم: "شَرُف الرجل شَرَفًا"، ولم يقولوا: "شَرَافًا"، لأنَّ الشرف رفعة في آبائه وهو شيء خارج عنه، بخلاف كَمُل كَمَالاً، وجَمُل جمالاً، فإن جماله وكماله وصف قائم به، وهذا لأن "شَرُف" مستعار من شرف الأرض (ظ/٨٣ أ) وهو ما ارتفع منها، فاستعير للرجل الرفيع في قومه، كأن آباءه الذين ذُكِر بهم وارتفع بسببهم شَرَفٌ له.

وكذلك قولهم في هذا الباب: "الحَسَب"؛ لأنه من باب "القَبَض والنَّقَض والقَنَص" لا من (١) باب المصادر؛ لأن الحَسَب ما يحسبه الإنسان ويعده لنفسه من الخصال الحميدة والأخلاق الشريفة، واستحق الاسم الشامل في هذا الباب اسم "الفَعَال" بفتح الفاء والعين وبعدهما ألف وهي فتح، ليكون اللفظ بتوالي الفتح (٢) فيه موازيًا لانفتاح المعنى واتساعه، وكذلك اطرد في الجمع الكثير نحو: "مَفَاعِل وفعائل" وبابه، واطرد في باب "تفاعل"، نحو: "تقاتل وتخاصم وتمارض وتغافل (٣) وتناوم"؛ لأنَّه إظهار للأمر ونشر له (٤).

ومن هذا الباب: "حَلُم" فإنه مما يوافقه في وجهٍ ويخالفه في وجه؛ لأنه يدل على ثبات الصفة، فوافقَ "شَرُف وكَرُم" في الضم وخالفه في المصدر (ق/١٠٩ أ) لمخالفتهِ له في المعنى؛ لأنه صفة تقتضي كف النفس وجمعها عن الانتقام والمعاقبة ولا يقتضي انفتاحًا


(١) (ق): "لأن".
(٢) العبارة محرفة فى (ظ ود).
(٣) من قوله: "وفعائل ... " إلى هنا ساقط من (ظ ود).
(٤) تحرفت في (ق ود).