للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نحو: "غفر". وأما "استغفر" ففي ضمن الكلام ما لا بد [له] من (١) حرف الجر، لأنك لا تطلب غَفْرًا مجردًا من معنى التوبة والخروج من الذنب، (ق/ ١١١ أ) وإنما تريد بالاستغفار خروجًا من الذنب وتطهيرًا منه، فلزمت "من" في هذا الكلام لهذا المعنى، فهي متعلقة بالمعنى لا بنفس اللفظ، فإن حذفتها تعدى الفعلُ فنصبَ، وكان بمنزلة: "أمرتك الخيرَ".

فإن قيل: فما قولكم في نحو قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ} [نوح: ٤]، و [{يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ}] (٢) [الأحقاف: ٣١]؟.

قلنا: هي متعلقة بمعنى الإنقاذ والإخراج من الذنوب، فدخلت "من" لتُؤذِن بهذا المعنى، ولكن لا يكون ذلك في القرآن إلا حيثُ يُذْكَر الفاعلُ (٣) الذي هو المذنب، نحو قوله: {لَكُم}؛ لأنه المُنْقَذ المُخْرَج من الذنوب بالإيمان، ولو قلت: "يغفر من ذنوبكم" دون أن تذكر الاسم المجرور لم يَحْسُن إلا على معنى التبعيض؛ لأن الفعل الذي كان في ضمن (٤) الكلام وهو الإنقاذ، قد ذَهَب بِذَهاب الاسم الذي هو واقع عليه.

فإن قلت: فقد قال {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا} [البقرة: ١٤٧] وفي سورة الصف: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [الصف: ١٢] فما


(١) (ق): "ما لابد منه حرف"، و (ظ ود): "ما لابد منه من ... " والمثبت من "النتائج".
(٢) ما بين المعكوفين من "النتائج"، ومكانه في النسخ: "يغفر لكم خطاياكم" ولا دلالة فيها.
(٣) في الأصول: "الفاعل والمفعول"! والمثبت من "النتائج".
(٤) (ق): "ضمير".