للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديث، كما يكون ذلك في "كان" و"ليس"؛ لأنهما ليستا بفعلٍ مَحْض، فجاز أن تقول: "كان زيد قائم"، أي: كان هذا الحديث. ولم يجز في "سرني" ولا "بلغني"، فإن أدخلتَ "ليت" أو "لعل" أو "إن" المكسورة لم يجز أيضًا؛ لأن هذه المعاني ينبغي أن يكون لها صدر الكلام فلا يقع بعدها (١) فعل مُعْمَل (٢) ولا مُلْغى، فإن جئت بـ "أن" المفتوحة قلت: "بلغني أن زيدًا منطلق"، فأعملْتَ الفعل في معمول معنويٍّ وهو الحديث؛ لأن الجملةَ الملفوظ بها حديث في المعنى، وإنما جاز هذا لامتناع الفعل أن يعمل فيما عملت فيه "إنَّ" ولابد له من معمول، فتسلط على المعمول المعنوي وهو الحديث، حيث لم يمكن أن يعمل في اللفظي الذي عملت فيه "أن"، وكذلك: "كرهت أن زيدًا منطلق"، المفعول هو الحديث، وهو معنًى لا لفظ.

فإذا قيل: ولم لا جعلوا لـ "أنَّ" المفتوحة (٣) صَدْر الكلام كما جعلوا لـ "ليت" و"لعل" (ق/١١٥ أ) ولجميع الحروف الداخلة على الجمل؟.

قيل: ليس في "إن" معنى زائد على الجملة أكثر من التوكيد، وتوكيد الشيء بمثابة تَكْراره لا بمثابة معنًى زائدً فيه، فصحَّ أن يكون الحديث المؤكَّد بها معمولاً لما قبلها، حيث مَنَعَتْ هي من عمل ما قبلها في اللفظ الذي بعدها، فتسلَّط العامل الذي قبلها على الحديث، ولم يكن له مانع [في] (٤) صدر الكلام يقطعه عنه، كما


(١) في بعض نسخ النتائج: "قبلها".
(٢) في الأصول: "يعمل"، والمثبت من "النتائج".
(٣) (ق): "المكسورة" وهو خطأ.
(٤) من "المنيرية"، وسقط: من (د): "له مانع من".