للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان ذلك في غيرها.

فإن كسرْتَ همزتَها كان الكسر فيها إشعارًا بتجريد المعنى الذي هو التوكيد عن توطئة الجملة للعمل في معناها، فليس بين المكسورة والمفتوحة فرق في المعنى، إلا أنهم إذا أرادوا توطئة الجملة (١) لأَنْ يعمل الفعل الذي قبلها في معناها، وأن يُصَيِّروها في معنى الحديث، فتحوا الهمزة، وإذا أرادوا قطع الجملة مما قبلها وأن يعتمدوا على التوكيد اعتمادهم على الترجِّي والتمنِّي كسروا الهمزة ليؤذنوا بالابتداء والانقطاع مما قبل، وأنهم قد جعلوا التوكيد صدر الكلام، لأنه معنى كسائر المعاني؛ وإن لم يكن في الفائدة مثل غيره. وكان الكَسْر بهذا الموطن أولى لأنه أثقل من الفتح، والثِّقَل أولى أن يُعْتَمد عليه ويُصَدَّر الكلام به، والفتح أولى بما جاء بعد كلام لخفته، وأن المتكلم ليس في عنفوان نشاطه وجَمامه (٢)، مع أنّ المفتوحة قد تلي (٣) الضم والكسر، كقولك: "لأنك، وبأنك، وعلمتُ أنك"، فلو كُسِرت لَتَوالَى الثِّقَل.

فإن قيل: فما المانع أن تكون هي وما بعدها في موضع المبتدإ، كما كانت في موضع الفاعل والمفعول والمجرور؛ أليس (ظ/٨٨ أ) قد صُيِّرت الجملةُ في معنى (٤) الحديث، فهلَاّ تقول: "إنك منطلق معْجب لي؟ "، وما الفرق بينها وبين "أن" التي هي وما بعدها في تأويَل الاسم، نحو: "أن تقوم خير من أن تجلس"، فلم تكون تلك


(١) من قوله: "للعمل في ... " إلى هنا ساقط من (د).
(٢) "طه وجمامه" سقطت من (ق).
(٣) بالأصول: "تليها"، والتصحيح من محقق النتائج.
(٤) (ق): "موضع".