للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس: ٧١] وقد تقدم (١) له كلام أن اليدَ صفة أخصّ من القدرة والنعمة، كما هو مذهب أبي الحسن الأشعري -رحمه الله-، ونصر هو ذلك المذهب وارتضاه، وعلى هذا فلا تأويل في الآية، بل هي على حقيقتها على قوله، وأما الدَّءوب والنصب وإثبات الجارحة فمن خصائص العبد، والله تعالى مُنَزَّه عن ذلك كله متعالٍ عنه. وخصائص المخلوقين لا يجوز إثباتها لرب العالمين، بل الصفة المضافة إليه لا يلحقه فيها شي من خصائصهم، فإثباتها له كذلك لا يحتاج معه إلى تأويل، فإن الله ليسَ كمثله شيءٌ، وقد تقدَّم أن خصائصَ المخلوقين غير داخلة في الاسم العامِّ، فضلاً عن دخولها في الاسم الخاص المضاف إلى الربِّ، وأنها لا يدل اللفظ عليها بوضعه حتى يكون نفيها عن الربِّ تعالى صرفًا للفظ عن حقيقته. ومن اعتقدَ دخولَها في الاسم المضاف إلى الربِّ ثم توسَّل بذلك إلى نفي (٢) الصفة عنه، فقد جمعَ بين التشبيه والتعطيل، وأما من لم يُدْخلها في مسمَّى اللفظ الخاص، ولا أثبتها للموصوف فقوله مَحْض التنزيه، وإثبات ما أثبته الله لنفسه، فتأمل هذه النكتة وَلْتكن منك على ذُكْر في باب الأسماء والصفات، فإنها تُزيل عنك الاضطراب والشبهة، والله الموفق للصواب.

عاد كلامُه، قال: "إذا ثبت هذا "ففعلت" وما كان نحوها من الأحداث العامة الشائعة لا تؤكَّد بمصدر؛ لأنها في الأفعال بمنزلة شيءٍ وجسم في الأسماء، فلا يؤكَد؛ لأنه لم يثبت له حقيقة (٣) معينة


(١) (٢/ ٣٩٧ - ٣٩٨).
(٢) (ق): "نفي بدل".
(٣) "له حقيقة" سقطت من (د).