للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عند المخاطب، وإنما يؤكد ما ثبتت حقيقته، والمخاطَب أحوج إلى ذكر المفعول المطلق الذي تقع به الفائدة منه إلى توكيد "فعلت"، فلو قلت له: "فعلتُ فعلتُ"، وأكدته بغاية ما يمكن من التوكيد، (ق/١٢٠ ب) ما كان الكلام إلا غير مفيد! وكذلك لو قال: "فعلتُ فِعلاً" على التوكيد؛ لأن المصدر الذي كنتَ تؤكد به -لو أكدت- قياسُه أن يكون مفتوح "الفاء" لأنه ثلاثي، والمصدر الثلاثي قياسه فتح فائه، كما أن فعله كذلك".

قلتُ (١): هذا ليس على إطلاقه، فإن "فعلت" إذا أُريد بها الفعل العام الذي لم تتحصل حقيقتُه عند المخاطَب امتنعْ تأكيدُها، بل مثل هذا لا يقع في (٢) التخاطُب، وأما إذا أُريدَ بها فعل خاص قد تحصَّلت حقيقته وتميزت عندهما، كما إذا قال له: "أنت فعلت هذا"، وأشار إلى فعل معين، فإنه إذا أكد الفعل وقال: "فعلتُ فعلت"، كان الكلام مفيدًا أبلغ فائدة، وهذا إنما جاء من حيث كانت "فعلت" مرادًا بها الحديث الخاص. وأكثر ما يجيء "فعلت": في الخطاب كذلك، فتأمله.

قال (٣): "إذا ثبت: هذا؛ فلا يقع بعد "فعلت" إلا مفعول مطلق، إما من لفظها فيكون عامًّا، نحو: "فعلت فِعلاً حَسَنًا"، ومن ثَمَّ جاء مكسور الفاء لأنه كالطَّحْن والذِّبْح، ليس بمصدر اشْتُق منه الفعل، يل هو مشتق من "فعلت". وإما أن يكون خاصًا نحو: "فعلت ضربًا"، "فضربًا" أيضًا مفعول مطلق من غير لفظ "فَعل" فصار "فعلت فِعلاً"


(١) الكلام لابن القيم -رحمه الله-.
(٢) (ق ود): "ألا في".
(٣) أي: السهيلي -رحمه الله-.