للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كطحنت (ظ / ٩٢ أ)، طِحْنًا، و"فعلت ضربًا" كطحنتُ دقيقًا.

فإن قيل: ألم يجيزوا في "ضربت ضربًا" و"قتلتُ قتلًا" أن يكون مفعولًا مطلقًا، فلِمَ لم يكن مكسور الأول إذا كان مفعولاً مطلقًا، ومفتوحًا إذا كان مصدراً مؤكَّدَا؟.

قيل: "حدِّث حديثين امرأةً" (١)، ألم يقدم في أول الفصل أنه لا يعمل في "ضربًا" إذا كاد مفعولا مطلقًا إلا معنى "فعلت" لا لفظ "ضربت"، فلو عمل فيه لفظ "ضربت" لقلت: "ضِربًا" بالكسر، كطِحْن، وهو محال، لأن الضرب لا يضرب، ولكنك إذا اشْتَقَقْت له اسما من "فعلت" التي هي عاملة فيه على الحقيقة فقلت: هو فِعْل، وإن اشْتَقَقْتَ له اسمًا من "ضربت" التي لا يعملُ لفظُها فيه، لم يجز أن يجعلها كالطِّحْن والذِّبْح؛ لأن الاسم القابل لصورة الفعل إنما يشتق لفظه من لفظ ما عمل فيه، فثبت من هذا كله أن "فَعَلت" و"عملت" استغنى بمفعولها المطلق عن مصدرها، لأنها لا تتعدَّى إلا إلى حدث، وذلك الحدث يشتق له اسم من لفظها، فيجتمع اللفظ والمعنى، ويكون أقوى عند المخاطَب من (٢) المصدر الذي يشتَق منه الفعل، ولذلك لم يقولوا: "صنعت صنْعًا" "بفتح الصاد، ولا: "عَملت عَمْلاً" بسكون الميم، ولا "فَعَلت فَعْلا" بفتح الفاء، استغناء عن المصادر (ق/ ٢١ أ)، بالمفعولات المطلقة؛ لأن العملَ مثل: القَنَص والنَّفَض، والصُّنع مثل: الدهن والخُبْز، والفِعْل مثل: الطِّحن، وكلها (٣) بمعنى المفعول، لا بمعنى المصدر الذي اشتُق منه الفعل.


(١) انظر: "مجمع الأمثال": (١/ ٣٤٢).
(٢) (ق): "و".
(٣) "النتائج": "فكأنها".