للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجميع هذه الأفعال العامة لا تتعدَّى إلى الجواهر والأجسام إلا أن يُخْبر بها عن خالقها، وإنما يتعدَّى إلى الجواهر بعض الأفعال الخاصة، نحو: "ضربت زيدًا"، فهو مضروب على الإطلاق، وإن اشتققت له من لفظ "فعلت" مفعول به، أي: فعِلَ به الضرب ولم يفْعَل هو جاز.

وأما: "حَلمت في النوم حُلْمًا" فهو بمنزلة: "فعلت وصنعت" في اليقظة؛ لأن جميع أفعال النوم تشتمل عليها "حَلَمت"، وكأنَّ جميع أفعال اليقظة يشتمل عليها "فعلت"، فمن ثمَّ لم يقلوا: "حَلْمًا" بوزن "ضَرْبًا"؛ لأن "حلمت" مغنية عن المصدر كما كانت "فعلت" مغنية عنه، وإنما مطلوبُ المخاطب معرفةُ المحلوم والمفعول، فلذلك قالوا: "حلْما"، ولذلك جمعوه على: "أحلام وحُلوم"؛ لأن الأسماء هي التي تُجْمع وتثنى، وأما الفعل، أو ما فائدته كفائدة الفعل من المصادر (١) فلا تُجمع ولا تُثنى، وقولهم: إنما جمِعت الحلومُ والأشغال لاختلاف الأنواع، يل يقال لهم: [وهل] (٢) اختلفت الأنواع: إلا من حيث كانت بمثابة الأسماء المفعولة؟ ألا ترى أن "الشُّغل" على وزن "فعْل" كالدُّهن، فهو عبارة عما يَشتغل المرء به (٣)، فهو اسم مشتقٌّ من الفعل وليس الفعل مشتقًا منه، إنَّما هو مشتق من "الشغَل"، والشَّغْل هو المصدر، كما أن "الجعْل والجُعْل" كذلك. فعلى هذا ليس "الأشغال" و"الأحلام" بجمع المصدر، وإنما هو جمع اسم، والمصدر على الحقيقة لا يجمع؛ لأن المصادر كلها جنس


(١) من قوله: "كما كانت .. " إلى هنا ساقط من (ظ ود).
(٢) في الأصول: "ولم" والمثبت من "النتائج".
(٣) الأصول "عنه" والمثبت من "النتائج".