للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحد، من حيث كانت عبارة عن حركة الفاعل، والحركة تماثل الحركة ولا تخالفها بذاتها، ولولا "هاء" التأنيث في الحركة ما ساغ جمعُها، فلو نطقت العربُ بمصدر "حَلَمت" الذي اسْتغني عنه بالحُلْم، وبمصدر "شكرت" الذي استغنى [عنه] (١) بالشكر لما جاز جمعه؛ لأن اختلاف الأنواع ليس راجعًا إليه، وإنما هو راجع إلى المفعول المطلق.

ألا ترى أن الشكر عبارة عما يكافأ به المنْعِم من ثناء أو فعل، وكذلك نقيضه -وهو الكفر- عبارة عما يُقابَل به المنْعِم (٢) من جَحْد وقبْح فعل، فهو مفعول مطلق لا مصدر اشتق منه الفعل، إلا أن "الكفر" يتعدَّى بالباء لتضمُّنه معنى التكذيب، و"شكرت" (ق ١٢١/ ب) يتعدَّى باللام، التي هى لام الإضافة؛ لأن المشكورَ في الحقيقة هى النعمة، وهي مضافة إلى المنعم، (ظ/٩٢ ب) وكذلك المكفور في الحقيقة هى النعمة، ولكن كفرها تكذيب وجَحْد، فلذلك قالوا: "كفر بالله" و"كفر نعمتَه" و"شكر له" و"شكر نعمتَه".

وإذا ثبتَ أن الشكرَ من قولك: "شكرت شُكرًا" مفعول مطلق، وهو مختلف الأنواع؛ لأن مكافأة النعم تختلف، جار أن يُجمع كما جمع "الحُلْم والشُّغل"، فيحْمل قوله -سبحانه- حكاية عن المخلصين من عباده: {لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (٩)} [الإنسان: ٩] أن يكون جمعًا لـ "شكر"، وليس كالقعود والجلوس؛ لأنه متعد، ومصدر المتعدي لا يجيءُ على "الفعول" (٣).


(١) سقطت من (ظ ود)، و (ق): "به".
(٢) (ق) "المنعم عليه" وهو خطأ.
(٣) (ظ ود): "لا يجيء مصادرها على المفعول"!.