للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالحب ليس بمصدر لأحببت، إنما هو عبارة عن الشغل بالمحبوب، ولذلك جاء على ورنه مضمومَ الأول، ومن ثَمَّ جُمِع كما جُمِع الشغل، قال:

ثلاثةُ أحباب؛ فحبُّ عَلاقةٍ ... وحُبُّ تِمِلَاّق، وحبٌّ هو القتل (١)

فقد انكشف لك بقولهم: "أحببتُ حبًّا" ولم (ق/١٢٢ أ)، يقولوا: "إحبابًا" استغناءً بالمفعول المطلق الذي هو أَفْيَد عند المخاطب من "الإحباب"، أَنَّ "حلمت حُلْمًا"، و"شكرت شكراً"، و"كفرَ كُفرًا"، و"صَنَع صنعًا"، كلّها واقعة على ما هو اسم للشيء المفعول وناصبة له نَصْب المفعول المطلق. وهو في هذه الأفعال أجدر أن يكون كذلك؛ لأنها أعم من "أحببت"؛ إذ الشكرُ واقعٌ على أشياءَ مختلفة، وكذلك الكفر والشغل والحُلم، وكلما كان الفعل أعم وأشيع لم يكن لذكر مصدره معنى، وكان "فَعَل ويَفْعل" مغْنيًا عن، ولولا كشْف الشاعر لاختلاف أنواع "الحب" ما كِدْنا نعرف ما فيه من العموم، ولكنه لما فيه من العموم، وأنه في معنى "الشغل" صار "أحببت" كشغلت، وصار الحب كالشغل. ولو قال: "إحبابًا" لكان بمنزلة: "شَغَلت شَغلاً" بفتح الشين، ألا ترى أنهم لا يجمعون من المصادر ما كان على وزن الإفعال نحو: الإكرام، وعلى وزن الانفعال، والافتعال، [والتفعيل] (٢) ونحوها، إلا أن يكون محدودا كالتَّمْرة من التمر.

وأما جمعه لاختلاف الأنواع فلا اختلاف أنواع فيه، إنما اختلاف


(١) البيت في "اللسان": (١٠/ ٣٤٧) بلا نسبة.
(٢) في الأصول: "والفعل"، والمثبت من "النتائج".