للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصدراً؛ لأنه أراد أن الحب ثلاثة أنواع وثلاثة ضُروب، وهذا تقسيم للمصدر نفسه، وهو تقسيم صحيح، فإن للحب بداية وتوسطًا ونهاية، فدو الشاعر الأقسام الثلاثة، فحُبُّ البداية هو: حب العلاقة وسمِّيَ علاقة لتعلّق القلب بالمحبوب، قال الشاعر (١):

أعلاقة أمَّ الوليدِ بعدما ... أفنان رأسكِ كالثَّغامِ المُخْلس

والحب المتوسِّط، هو: حُبُّ التملُّق وهو التذلُّل والتواضع للمحبوب، والانكسار له، وتتبع مواقع رضاه، وإيقاعها على ألطف الوجوه، فهذا هو التملُّق، وهو إنما يكون بعد تعلُّق القلب به.

والحب الثالث: هو الذي يأسر (٢) القلبَ ويصطلم العقلَ ويُذْهِب اللبَّ ويمنع القرارَ. وهذه المحبة تنقطع دونها العبارة، وتمتنع إليها الإشارة، ولي فيها من أبياتٍ (٣):

وما هي إلا الموت أو هو دونَها ... وفيها المنايا يَنْقلبن أَمَانيا

فقد بان لك أن الشاعرَ إنما أرادَ جَمْع الحب الذي هو المصدر باعتبار أنواعه وضروبه. ولنقطع الكلامَ في هذه المسألة، فمن لم يَشْبع من هذه الكلمات ففي "كتاب التحفة" أضعاف ذلك، والله الموفق.

عاد كلامه (٤) قال: "فإن قيل: فقد قالوا: "سَقَم وأسقام"، والسَّقَم مصدر لسَقِمَ، فهذا جمعٌ لاختلافِ الأنواع؛ ألا، لأنه اسم كما ذكرت.


(١) هو: المرار بن سعيد الفقعسي، والبيت من شواهد "الكتاب": (١/ ٦٠)، وانظر: "الخزانة": (١٠/ ٢٣٠، ١١/ ٢٣٢).
(٢) (ظ): "باشر" وأهملت في (د).
(٣) لم أقف على شئ منها في كتبه الأخرى.
(٤) أي السهيلي في "نتائج الفكر": (ص/ ٣٦٥).