للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى المحبوب أعطوه في غالب استعمالهم لفظ: "فَعِيل" الدال على أن هذا الوصف، وهو كونه متعلق الحب أمر ثابت له لذاته، وإن لم يُحب فهو حبيب، سواء أَحبَّه غيره أم لا، وهذا (١) الوزن موضوع في الأصل لهذا المعنى كـ "شريف" وإن لم يشرفه غيره، وهو من بناء الأوصاف الثابتة اللازمة، كطويل وقصير وكريم وعظيم وحَليم وجميل وبابه، وهذا بخلاف "مفعول"، فإن حقيقته لمن تعلق به الفعل ليس إلا كـ "مضروب" لمن وقع عليه الضرب، "ومَقْتول ومَأكول" وبابه، فهجروا في أكثر كلامهم لفظ "محبوب" لما يُؤْذِن من أنه الذي تعلَّق به الحبُّ فقط، واختاروا له لفظ "حَبيب" الدال على أنه حبيب في نفسه، تعلَّقَ به الحبُّ أم لا، ثم جاؤوا إلى من قام به الحب فأعطوه لفظة "مُحِب" دون "حابٍّ" لوجهين:

أحدهما: أن الأصل هو الرباعي والنطق به أكثر، فجاءَ على الأصل.

الثاني: أن حروفه أكثر من حروف "حابّ"، والمحل محل تكثير لا محل تقليل (٢).

فتأمل هذه المعاني التي لا تجدها في كتاب، وإنما هي رَوْضة: أُنُف مَنَحَ العزيزُ الوهاب فَهمَها وله الحمد والمنة، وقد ذكرنا من هذا وأمثاله في كتاب "التحفة المكية" ما لو وجدناه لغيرنا لأعطيناه حقَّه من الاستحسان والحدث، ولله الفضل والمنة.

وأما جَمْع الشاعر له على: "ثلاثة أحباب"؛ فلا يخرجه عن كونه


(١) من قوله: "الوصف، وهو ... " ساقط من (د).
(٢) "والمحل محل تكثير لا محل تقليل" ساقط من (ق).