جحده حقه، والمبالغة في الثناء عليه ومدحه، فهل هذا شأنُ من يريد نسبة فوائده إلى نفسه أو هضم حقه؟! كلا.
فهذا يدفع القول بأن ابن القيم ادعى نحو السهيلي لنفسه، كيف وهو لا يفتئ يذكره، ويُثْني عليه، ويعترفُ له؟!!.
وبعد؛ فلم يكن المؤلف مجرَّد ناقل ومقرَّر لكلام السهيلي -على علو كعبه وجودة مباحثه- بل جاراه في المضمار، ووقف معه موقف القِرْن والنِّدِّ، بل أربي عليه في بعض الأحيان، وناقشه ورد عليه. . .
فقد رد عليه في مواضع كثيرة جدًّا كما في (١/ ٣٩)، وفي (١/ ٣٢٦) أثنى عليه وأن كلامه: سيل ينحط من صبَب، ثم ردَّ عليه. وساق كلامه في موضع (١/ ٣٣٤) ثم قال: "وهو كما ترى غير كافٍ ولا شاف. . . وأنه زاد السؤال سؤالاً". كما رد عليه وغلَّطه في معنى حديث (١/ ٣٤٢). وفي مسألة أخرى. (١/ ٣٤٧). وفي تفسير آية (٢/ ٤٨٨). وذكر جوابَه مرة ثم قال:"ولا يخفى ما فيه من الضعف والوهن"(٢/ ٤١٣). كما أشار إلى اضطرابه في (٢/ ٥١٧)، وبين غَلَطَه وأنه كبوة من جواد ونبوة من صارم في (٢/ ٥٤١)، وفي موضع تعجَّب من فهمه الخاطئ مع ذهنه الثاقب وفهمه البديع (٢/ ٤١٦).
كما أنه ينقل كلامَه كاملاً، ويثني عليه، ثم يكرّ عليه جُملةً جُملةً بالتعليق والمناقشة كما في (١/ ١١٦ - ١٤٢، ٢٦١ - ٢٧٠ و ٢/ ٥١٦ - ٥٣٣، ٥٥٦ - ٥٦٠).
وقد يشتدّ أحيانًا في الرد، مثل قوله (١/ ٣٤٧): "وفي هذا من التعسُّف والبعد عن اللغة والمعنى ما لا يخفى"، ونحوه (٢/ ٥٦٦)، وقوله (٢/ ٤١٤)"فهذا جواب فاسد جدًّا"(وانظر ما سبق ص/ ٢٥ - ٢٦).