للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا الجمع إنما هو لاختلاف أنواع المصدر، لما جازَ أن تقول: "عرفت أفهامَ القوم في هذه المسألة"، و"عرفت علومهم"؛ لأن الصفة لا تختلف عند اتحاد متعلقها، بل هي متماثلة وإن اختلفت محالها، فعِلْم زيد وعلم عَمرو، إذا تعلَّقا بشيء واحد فهما مثلان، وعلم زيد بشيء واحد وعلمه بشيء آخر مختلفان لاختلاف المعلومَيْن.

والمقصود: أنَّ الأفهام والعقول لم تجمع لاختلاف أنواعها، لأنها قد تجمع حيث لا تختلف وهي (١) عند اتفاق أفهام على مفهوم واحد، وتجيء مفردةً عند اختلافها نحو: فهم زيد بالحساب والنحو، وغيرهما، لا يقال فيه: "عرفت أفهام زيد بالعلوم"، ولكن تقول: [عرفت] فهم زيد، بالإفراد مع اختلاف متعلَّقه، واختلاف متعلَّقه يوجب اختلافه.

وإذا ثبت هذا؛ فلم يجمع "الفَهْم" على "أَفْهام" إلا من حيث كان بمنزلة حاسة باطِنة للإنسان، فإذا أُضِيف إلى أكثرين (٢) جُمع، وإذا أضيف إلى واحِدٍ لم يُجْمع؛ لأنه كالحاسة الواحدة، وإن كان في أصله مصدرًا، فربَّ مصدر أخري مجرى الأسماء، كـ "ضَيْف وضيوف" (٣)، وعَدْل وعدول، وصَيْد وصيود.

وأما "رؤية العين" فليست الهاء فيها للتحديد، بل [هي] لتأنيث الصفة؛ كالكُدْرة (٤) والصّفرة والحُمْرة، وكان الأصل فيها "رأيًا"،


(١) (ق): "وهي هذا".
(٢) (ق): "كثيرين"، و"النتائج": "أناسي كثيرة".
(٣) (ظ ود): "ضيفان".
(٤) في الأصول ونسخ "النتائج": "القدرة"! والمثبت هو الصواب.