للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقصود بالذكر، شَبَّه شربهم من الحميم بشرب الإبل العِطَاش التي قد أصابها الهيام، وهو داء تشرب منه ولا تَروَى، وهو جمع أَهيَم، وأصله "هيْم" بضم الهاء كأحمر وحُمر، ثم قلبوا الضمة كسرة لأجل الياء فقالوا: "هِيْم". وأما قراءة الكسر فوجْهُها أنه شَبَّه مشروبهم بمشروب الإبل الهِيْم في كثرته وعدم الرِّي به، والله أعلم.

عاد كلامه، قال: "فإن قيل: فإن الفهم والعقل والوهم والظن، مصادر وليست مما ذكرتَ، وقد جُمِعتْ، فقالوا: أفهام وأوهام وعقول؟.

قيل: هذه مصادر في أصل وضعها، ولكنها قد أجريت مَجْرى الأسماء، حيث صارت عبارة عن صِفات لازمة وعن حاسَّة باطنة (١) كالبصر؛ ألا ترى أنك إذا قلت: "عَقَلت البعير عَقْلًا"، لم يَجُز في هذا المصدر الجمع، فإذا أردت به المعنى الذي اسْتُعير له -وهو عقل الإنسان- جاز جمعه؛ إذ صار للإنسان كأنه حاسة [باطنة] (٢) كالبصر، ألا ترى أن "البصر" حيثما ورد في القرآن مجموع، والسمع غير مجموع في أجود الكلام، لبقاء السمع على أصله من بناء المصادر الثلاثية، ولكون البصر على وزن "فَعَل" كالأسماء، ولأنه يراد به الحاسة، وقد يجوز في السمع -على ضعف- أن تجمعه إذا أردت به الحاسة دون المصدر، كما تجمع الفهم على أفهام، ولكن لا يكون (٣) ذلك إلا بشرط، وهو أن تكون الأفهام أو الأسماع ونحوها مضافة إلى جَمْع، نحو: "أفهام القوم" و"أسماع الزيدين"، ولو كان


(١) (ظ ود): "ناطقة".
(٢) في الأصول: "ناطقة" والمثبت من "النتائج ".
(٣) (ق): "يجوز".