للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن عُبِّر عنه بالعربية كان قرآنًا وهو نفس التوراة، وإن عُبِّر عنه بالعِبْرية كان توراة وهو نفس القرآن، وإن عُبِّر عنه بالسِّريانية كان إنجيلًا، وهو -أيضًا- نفس القرآن ونفس التوراة، وكذلك سائر الكتب!!.

وهذا قول يقوم على بطلانه تسعون (١) برهانًا لا تندفع، ذَكَرها شيخُ الإسلام في "الأجوبة المصرية" (٢) وكيف تكون معاني التوراة والإنجيل هي (٣) نفس معاني القرآن، وأنت تجدها إذا عُرِّبت لا تدانيه ولا تقاربه فَضْلًا (ق/ ١٣٥ أ) عن أن تكون هي إياه، وكيف يقال: إن الله تعالى أَنزلَ هذا القرآنَ على داود وسليمان وعيسى بعينه بغير هذه العبارات؟! أم كيف يقال: إن معاني كتب الله تعالى كلها معنى واحد يختلف التعبير عنها دون المعنى المعبَّر عنه؟! وهل هذا إلا دعوى يشهد الحس ببطلانها! أم كيف يقال: إن التوراة إذا عُبِّر عنها بالعربية صارت قرآنًا، مع تميُّز القرآن عن سائر الكلام بمعانيه (ظ/ ١٠٢ ب) وألفاظه تميُّزًا ظاهرًا لا يرتاب فيه أحد. وبالجملة؛ فهذا الجواب منه بناء على ذلك الأصل.

والجواب الصحيح أن يقال: الحال المؤكِّدة لا يشترط فيها الاشتقاق والانتقال، بل التنقُّل مما ينافي مقصودها، فإنما أُتي بها لتأكيد


(١) (ق): "سبعون".
(٢) لعل المقصود كتاب "التسعينية" الشيخ الإسلام، طبع ضمن "الفتاوي الكبري" ثم طبع في ثلاثة مجلدات، رسالة علمية. وإليه أشار ابن القيم في نونيته:
وكذاك تسعينية فيها له ... ردٌّ على من قال بالنفساني
تسعونَ وجهًا بيَّنت بطلانَه ... أعني كلامَ النفس ذا الوجدن
ولشيخ الإسلام كتاب آخر بعنوان: "جواب الاعتراضات المصرية على الفتيا الحموية" وهو كبير، انظر "الجامع لسيرة ابن تيمية": (ص/٢٥٦، ٢٩٤، ٣٥٣).
(٣) (ظ ود): "على".