للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنه: "سَلِمَ الشيءُ (ق/١٤٢ أ) لفلان"، أي: خَلَص له وحده، فخلص من ضرر الشركة فيه، قال الله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ} [الزمر: ٢٩] أي: خالصًا له وحدَه لا يملكه معه غيره. ومنه: السّلْم، ضد الحرب، قال تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: ٦١] لأن كل واحد من المتحاربين يَخلص ويَسْلم من أذى الآخر، ولهذا يبنى منه على المفاعلة، فيقال: المسالمة، مثل المشاركة. ومنه: القلب السليم، وهو النقي من الغِلّ والدَّغل والعيب (١)، وحقيقته: الذي قد سلِم لله وحده فخَلَص من دغل الشرك وغِلِّتَه، ودغل الذنوب والمخالفات، بل هو المستقيم على صِدق حبه وحسن معاملته، فهذا هو الذي ضَمِن له النجاة من عذابه والفوز بكرامته، ومنه أُخِذ الإسلام، فإنه من هذه المادة؛ لأنه الاستسلام والانقياد لله والتخلص من شوائب الشرك، فسَلِم لربه وخَلَصْ له، كالعبد الذي سلم لمولاه ليس له فيه شركاءُ متشاكسون، ولهذا ضربَ سبحانه هذين المثلين للمسلم المخلص الخالص لربه والمشرك به.

ومنه: السَّلَم للسَّلَفِ (٢)، وحقيقته: العِوَض المُسْلَم فيه، لأن من هو في ذمته قد ضمن سلامته لربه، ثم سُمِّي العقد: سَلَمًا، وحقيقته ما ذكرناه.

فإنَّ قيل: فهذا ينتقض بقولهم للديغ (ظ / ١٠٨ أ): سليمًا.

قل: ليس هذا بنقضٍ له، بل طرد لما قلناه، فإنهم سموه: سليمًا


(١) "الغل"، من (ظ ود)، و"العيب" من (ق).
(٢) (ق): "السلام" ثم كتب في حاشيتها: "السلم ظ" يعني: الظاهر، وهو الصواب، وتحرّفت في (ظ ود) إلى "السلم للكشف"!.