للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باعتبار ما يهمه ويطلبه ويرجو أن يؤول إليه حالُه من السلامة، فليس عنده أهم من السلامة، ولا هو أشد طلبًا منه لغيرها، فسُمِّيَ سليمًا لذلك، وهذا من جنس تسميتهم المَهْلَكة: مَفَازَة؛ لأنه لا شيء أهم عند سالكها من فوزه منها، أي: نجاته، فسُمِّيت: "مفازة" لأنه يطلب الفوز منها (١)، وهذا أحسن من قولهم: إنما سُمِّيت: مفازة، وسُمِّي اللديغ: سليمًا = تفاؤلاً، وإن كان التفاؤل جزء هذا المعنى الذي ذكرناه وداخل فيه، فهو أعم وأحسن.

فإن قيل: فكيف يمكنكم رد السُّلَّم إلى هذا الأصل؟.

قيل: ذلك ظاهر، فإن الصاعدَ إلى مكان مرتفع لما كان متعرِّضا للهُوِيِّ والسقوط، طالبًا للسلامة راجيًا لها، سُميت الآلة التي يتوصل بها إلى غرضه: سُلَّمًا، لتضمنها سلامته، إذ لو صَعِد بتكلُّف (٢) من غير سُلَّم لكان عَطَبه متوقعًا، فصح أن السُّلَّم من هذا المعنى.

ومنه تسمية الجنة: دار السلام، وفي إضافتها إلى السلام ثلاثة أقوال؛ أحدها: أنها إضافة إلى مالكها السلام سبحانه. الثاني: أنها إضافة إلى تحية أهلها، فإن تحيتهم فيها "سلام". الثالث: أنها إضافة إلى معنى السلامة، أي: دار السلامة من كل آفة ونقص وشر، والثلاثة متلازمة، وإن كان الثالث أظهرها، فإنه لو كانت الإضافة إلى مالكها، لأُضِيْفت إلى اسم من أسمائه غير السلام، وكان يقال: دار الرحمن، أو: دار (ق/ ١٤٢ ب) الله أو دار المَلِك، ونحو ذلك، فإذا


(١) من قوله: "أي نجاته ... " إلى هنا ساقط من (ق).
(٢) من قوله: "لما كان متعرِّضًا ... " إلى هنا مكانه في (ق) آخر الورقة (١٤٣/ أ)، والصواب ما في (ظ ود).