للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووضعه الأشياءَ مواضعها، وهو مما يستحق عليه الحمدَ والثناءَ كما يستحقه على إحسانه وثوابه ونعمه، بل لو وضع الثواب موضع (١) العقوبة لكان مناقضًا لحكمته ولعزته، فوضعه العقوبة موضعها هو من حمده وحكمته وعزته، فهو سلام مما يتوهم أعداؤه والجاهلون به من خلاف حكمته.

وقضاؤه وقدره سَلام من العبثِ والجَوْر والظلم، ومِنْ تَوَهُّمِ وقوعِهِ على خلاف الحكمة البالغة، وشرعُه ودينُه سلام من التناقض والاختلاف والاضطراب، وخلاف مصلحة العباد ورحمتِهِم والإحسان إليهم وخلاف حكمته، بلَ شرعه كلُّه حكمة ورحمة ومصلحة وعدل.

وكذلك عطاؤه سَلام من كونه معَاوَضة أو لحاجةٍ إلى المعْطَى. ومنعه سلام من البخل وخوف الإملاق، بل عطاؤه (٢) إحسان محض لا لمعاوضةٍ ولا لحاجة، ومنعه عدل محض وحكمة لا يشوبه بخل ولا عجز.

واستواؤه وعُلُوُّه على عرشه سَلام من أن يكون محتاجًا إلى ما يحمله أو يستوي عليه، بل العرش محتاج إليه، وحَمَلَته محتاجون إليه، فهو الغنيُّ عن العرش وعن حَمَلَته، وعن كلِّ ما سواه، فهو استواءٌ وعلُوٌّ لا يشوْبه حَصْر ولا حاجة إلى عرش ولا غيره، ولا (٣) إحاطة شيء به سبحانه وتعالى، بل كان سبحانه ولا عَرْش ولم يكن به حاجة إليه، وهو الغني الحميد، بل استواؤه على عرشه واستيلاؤه على خلقه من موجات مُلْكه وقَهْره من غير حاجة إلى عرش ولا غيره


(١) (ق): "مكان".
(٢) "سلام من ... " إلى هنا سقط من (ظ ود).
(٣) "غيره ولا" سقطت من (ق).