للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بوجهٍ ما، ونزولُه كل ليلة إلي سماءِ الدنيا سلام مما يضاد علوَه، وسَلام مما يضاد غِناه وكماله، وسَلام من كلِّ ما يتوهَّم معطِّل أو مشبِّه، وسَلام من أن يصير تحت شيءٍ أو محصورًا في شيء -تعالى الله ربنا عن كل ما يضاد كماله وغناه-. وسمعُه وبصرُه سَلامٌ من كلِّ ما يتخيَّله مشبِّه أو يتقوَّله (ق/١٤٣ ب)، معطِّل.

وموالاته لأوليائه سلام من أن تكون عن ذُلٍّ كما يوالي المخلوقُ المخلوقَ، بل هي موالاة رحمة وخير وإحسان وبرٍّ، كما قال تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} [الإسراء: ١١١]، فلم (ظ/١٠٩ أ) ينفِ أن يكون له ولي مطلقًا، بل نفى أن يكون له وليٌّ من الذُل (١).

وكذلك محبته لمحبيه وأوليائه سَلام من عوارض محبة المخلوق للمخلوق، من كونها محبة حاجة إليه أو تملُّق له، أو انتفاع بقربه، وسلام مما يتموَّله المعطلون فيها، وكذلك ما أضافه إلي نفسه من اليد والوجه (٢)، فإنه سَلام عما يتخيله مشبِّه أو يتقوله معطِّل.

فتأمل كيف تضمن اسمه "السلام" كل ما ينزه عنه تبارك وتعالى، وكم ممن يحفظ هذا الاسم ولا يدري ما تضمَّنه من هذه الأسرار والمعاني، والله المستعان (٣) المسؤول أن يوفق لتعليقِ على الأسماء الحسنى على هذا النَّمط إنه قريب مجيب، ولنقطع هاهنا الكلام على السؤال الأول.


(١) "فلم ينف ... " إلى هنا ساقط من (ق).
(٢) (ظ ود) "الرحمة".
(٣) ليست في (ق).